62

هوا جديده

حواء الجديدة

ژانرونه

فأنهض هذا القول نفسي وجسم في كل مبدأ شريف، ونبه كل عاطفة، ولكني كنت أسمع حينئذ نبضات قلبي السريعة كأن كلام الفتاة كان نذيرا بشقائي فتجلدت وقلت: قولي يا عزيزتي ماذا تريدين فأفعله إذا كنت أستطيعه. - إني يا سيدتي يتيمة الأبوين، وقد ربيت في بيت خالي وخالي عني بتربيتي جيدا كولد له، وفي العام الماضي خطبني المسيو موريس كاسيه ...

فقلت مبغوتة: أخطيبك موريس. - نعم يا سيدتي خطبني منذ عام تقريبا. - عجيب! لم يقل لي. - إنه يحبك ويعلم أنك تحبينه، فكيف يذكر لك ذلك؟ إنه يداري إحساساتك.

فبهت عند ذلك وشعرت أن بدر سعادتي قد أظلم في الحال، لم أدر لماذا أو كيف توقعت شقاء هائلا، وبعد سكوت هنيهة استأنفت حديثها قائلة: لطالما ذكر موريس أمام أصدقائنا، ومعارفنا أنك امرأة شريفة النفس جدا طيبة القلب قويمة المبادئ، وقد ذكر ذلك مرة أمامي فكنت إذا سمعت هذا القول أتذكر ملامحك، فيتراءى لي أنه غير مغرور، والآن أتمثلك أمامي بهذه الصفات.

عند ذلك بدأ الدمع ينبض من مقلتي قليلا لتأثري من كلام الفتاة؛ لأنه كان يصدر بملء الثقة وبحرارة، ثم قالت: قلت لك يا مولاتي: إن موريس خطبني منذ عام، ومنذ عرفك قل تردده علينا، والآن لا يزورنا في الأسبوع سوى مرة قصيرة أو مرتين، وقد عرف أهلي أنه مشغول بك، وأن شغله هذا يفضي به أخيرا إلى تركي، فهموا غير مرة أن يردوا له علامة الخطبة، فكنت أمانعهم وألتمس أن يمهلوه لعله يعود لي.

حينئذ بدأ دمع ماري يتفجر وهي تتكلم مجهشة: إني أحب موريس يا سيدتي منتهى الحب، وأتصور أنه مؤملي الوحيد؛ ولا سيما لأني يتيمة وخالي لا يدوم لي، والحب يقوي الأمل؛ ولهذا منعتهم أن يجافوه مهما جافى، ورجوتهم أن يتسامحوا له، ويصبروا عليه كصبري مهما نأى وصد، وأخيرا خطر لي خاطر لو ذكرته لسواك لضحك مني، ولكني أقدمت عليه وأنا واثقة أنك تجلينه؛ لأني أعتقد فيك ما يعتقده موريس، خطر لي يا سيدتي أن آتي إليك، وألتمس منك قلب موريس. - ويلاه، إنك يا هذه تطلبين حياتي مجانا.

وعند ذلك استرسلت في البكاء، ولم أستطع أن أكف دموعي أو أفوه بكلمة، فاستردت ماري قوتها وعادت تقول: سبق وعد موريس لي قبل أن عرفك وعرفته، وأحبني قبل أن أحبك وأحببته، ومع ذلك ما أتيت إليك يا سيدتي العزيزة؛ لكي أنازعك حقا لي، بل لكي أرجو منك أن تتفضلي به علي إذا كان في وسعك، أسلم أن ما أطلبه منك فضل عظيم لا يقابل بفضل، وإن تنازلك عنه صعب جدا، ولكنك تقدرين عليه إذا شئت.

إني يا مدموازيل إيفون فتاة، والفتاة كالزهرة في حديقة حافلة بالزهر تنتظر قاطفها، فإذا لم يتيسر لها قاطف في مدة زهوها القصيرة؛ ليجعلها زينة لصدره فهيهات أن توفق إلى قاطف يعرف قيمتها قبل أن تذوي وينتثر ورقها على الأرض.

إذا تركني موريس فهيهات أن يطلب يدي فتى آخر أحبه حبي لموريس، وإذا مالت نفسي بعده إلى سواه، فكيف أضمن أن أستميله إلي، ليس لي يا سيدتي إلا موريس أما أنت فإذا تركته فلك من تشائين من الشبان، الكل يتمنون رضاك، أما أنا فندر الذين يعرفون بوجودي.

أنت تقدرين أن تتسلي عن موريس، وتسليه بمن يحفل بك من الظرفاء، وبما يحف حولك من مسرات الحياة وأمجادها، أما أنا فأبقى سجينة في منزل خالي خاضعة لزوجته وأولاده، وبعد خالي لا أدري ماذا يكون مصيري.

سكتت ماري هنيهة فلم أجبها بغير البكاء، ثم قالت: إنك يا سيدتي بتضحية حب مستفاض تفتدين سعادة فتاة لا ترى نورا للسعادة إلا في محيا خطيبها، فإذا غاب عنها ذلك المحيا خيم البؤس على قلبها كل عمرها، فإذا ضحيت هذه التضحية أحرزت مجدا لم يسبقك أحد إليه، فحسبك أن يقال: إن المدموازيل إيفون مونار قهرت قلبها؛ لكي تنصف فتاة منه إذ اغتصب منها حبيبها.

ناپیژندل شوی مخ