61

هوا جديده

حواء الجديدة

ژانرونه

أحببتك منتهى ما يستطيعه القلب البشري من الحب؛ لأنك أحببتني لأجل نفسي لا كما أحبني أولئك الفريسيون لأجل أنفسهم، كانوا يبجلونني في منزلي ويتمنون أن يقبلوا يدي في قاعتي، ولكنهم كانوا ينكرونني في الخارج أمام الناس؛ ليتبرءوا من دنسي وما هم أبر مني.

أما أنت فقد ناقضت أولئك المرائين، وأكرمتني واحترمتني في العلانية كما في السر، وشهدت بشرف نفسي وعرفتني بخطيبتك في نيوبار، ولم تقل حينئذ: إنها خطيبتك لكيلا تثير غيرتي.

لم أبتذل لك يا موريس؛ لأني كنت واعدة أن أبقى أمينة للأمير ما دمت أعيش بماله، ولم أشأ أن أنزلك منزلته؛ لأني أنزلتك مقاما أرفع من مقامه، وأشفقت أن «أستنفقك» فرنكا واحدا علي؛ لأني أحبك حبا حقيقيا.

ولكن الأمير لم يجهل مقدار حبي لك، فغار منك علي كما غرت أنت منه، ولما رأيت أني لا أقدر أن أرضيكما معا أبلغت الأمير أني مستقلة عنه، وصممت أن أعود إلى الحانة لأسترزق منها، وأعيش لك وحدك.

كنت حينئذ غائبا في الإسكندرية يا موريس، وقد كتبت لك ولم أخبرك شيئا من ذلك؛ لكيلا تسرع إلي قبل إنجاز شغلك وتمنعني عن فتح الحانة، فانتهزت فرصة غيابك وبحثت عن منزل لائق.

في اليوم التالي لسفرك أي: في الصباح الذي انفصل فيه الأمير عني، وصممت فيه على ما صممت حدث الحادث المهم غير المنتظر الذي حملني على مجافاتك بالرغم مني، وحملني كل هذا العذاب الذي أعانيه في بعدك.

في ذلك الصباح إذ كنت أفكر في ماذا أفعل وفانتين خرجت لتفتش عن منزل، وأنا لم أزل في غرفتي بثوب النوم قرع الخادم على بابي، ودخل يقول: «إن فتاة في القاعة تلتمس مقابلتك يا مولاتي»، فقلت: «من هي؟» فقال: «لم تقل لي عن اسمها»، فقلت: «قل لها أن تنتظر ريثما ألبس ثوبي.»

بعد بضع دقائق دخلت إلى القاعة، فوجدت فتاة تراءت لي ملاكا ارتدى الجسد البشري لكي يتجلى لي؛ لأني رأيت لأول وهلة في وجهها الصبوح كل أمائر الكمال، وشعرت بانعطاف قلبي إليها، ولاحظت اضطرابها شديدا فتوقعت أن مهمتها عظيمة، فبادأتها بعد التحية قائلة: أذكر أني رأيت هذا الوجه يا مدموازيل قبل الآن، فهل تشرفينني بمعرفتك؟ - لست مخطئة يا سيدتي، فقد قدمني إليك المسيو موريس كاسيه في نيوبار مرة.

فكان كلامها هذا سهما ناريا عبر في صمامات قلبي، فكتمت ألمي وقلت: نعم، نعم، ذكرت الآن، اعذريني قد نسيت الاسم يا عزيزتي بل إن موريس لم يفصح في التعريف يومئذ، أو أني لم أنتبه حينذاك للأسماء. - ماري مارتال. - لي الشرف، هل أقدر أن أخدمك خدمة يا سيدتي؟ - أتؤذنين يا مولاتي أن أقفل الباب؛ لأن حديثي معك سري؟

فضغطت على زر جرس الاستدعاء؛ لكي يأتي الخادم فيقفله، فنهضت في الحال وأقفلته ثم عادت إلى جنبي وقالت: إن المعروف الذي ألتمسه منك يا سيدتي عظيم جدا، لا أظن أحدا التمسه قبلي. - عسى أن أستطيعه فأسر أن أخدمك به. - إنه صعب جدا يا سيدتي؛ ولهذا أعده عظيما حتى إذا استطعته صنعت أعجوبة في عالم الإنسانية، ولقد لجأت إليك؛ لأني قرأت في سمائك يوم تعرفت بك في نيوبار أنك كريمة الأخلاق جدا، فطمعت في كرم أخلاقك.

ناپیژندل شوی مخ