160

دستور العلماء

دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون

خپرندوی

دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت

د ایډیشن شمېره

الأولى، 1421هـ - 2000م

وينبغي أن أذكر لطائف أخرى في هذه الحديقة العليا والروضة الرعنا. فأقول إن الباء الجارة وإن لم يكتب إلا مقصورة لكن لجوار اسم الله سبحانه وتعالى حصل لها من الكمال ما لم يحصل لغيرها فصارت مطولة. وقيل إنما كتبت مطولة عوضا عن الألف المحذوفة. والله مختص بالذات المختص المعبود بالحق عز وجل في الإسلام والجاهلية والإله معرفا باللام اسم للمعبود بالحق. ولهذا كان كفار قريش يطلقون هذا اللفظ في حق الأصنام لزعمهم حقيتها ومنكرا للمعبود مطلقا حقا أو باطلا والرحمن الرحيم صفتان للمبالغة من الرحمة وهي في اللغة رقة القلب وانعطافه على وجه يقتضي التفضل والإحسان. وأسماء الله تعالى إنما تطلق عليه باعتبار الغايات التي هي أفعال لا بحسب المبادئ التي هي انفعال. ثم الرحمن والرحيم إما سيئان في المعنى كما قيل أو الرحمن أبلغ من الرحيم وهو إما بحسب الكمية أو الكيفية فعلى الأول يقال يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة لشمول الأولى بالمؤمن والكافر واختصاص الآخرة بالمؤمن. ولأن زيادة البيان تدل على زيادة المعنى فإن في الرحيم زيادة واحدة وفي الرحمن زيادتان وعلى الثاني يقال يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا لأن النعم الدنيوية جليلة وحقيرة بخلاف النعم الأخروية فإنها كلها جسام. ثم ما هو المقرر من تقديم الأدنى على الأعلى للترقي وإن كان يقتضي تقديم المؤخر وتأخير المقدم لكن اختصاص الأول بالله تعالى أوجب تقديمه عليه. وقيل الرحمن هو الذي إذا سئل أعطى والرحيم إذا لم يسئل غضب فحينئذ الرحيم أبلغ.

واعلم: أن البسملة من القرآن أنزلت للفصل بين السور ليست جزءا من الفاتحة ولا من كل سورة. وقال الشافعي رحمه الله هي من الفاتحة قولا واحدا وكذا من غيرها على الصحيح لإجماعهم على كتابتها في المصاحف مع الأمر بتجريد المصاحف وهو أقوى الحجج. ولنا ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يعرف فصل السور حتى نزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم رواه أبو داود والحاكم. فإن قلت فينبغي أن يجوز الصلاة بها عند أبي حنيفة رحمه الله قلت عدم الجواز لاشتباه الآثار واختلاف العلماء في كونها آية تامة.

أيها الإخوان وأيها الخلان اذكر لكم لطائف ذوقية واكتب لكم دقائق شوقية. وهي تفسير الفاتحة للشيخ شمس الدين الجويني رحمة الله عليه حيث قال. قوله تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم} إشارة إلى الحقيقة الكاملة التي لا يحيط بها إدراك مدرك إذ هو في الأزل إله وفي الأبد إله كان الله ولم يكن معه شيء فهو في الأزل الله. ثم برحمته خلق الخلق فهو رحمن أي له رحمة يخلق بها ولا يقال لغيره رحمن لأن غيره لا يخلق شيئا. ثم بعد الخلق يبقى المخلوق بالرزق ورزقه برحمته فهو رحيم أي له رحمة بها يرزق. ولهذا جاز أن يقال لغيره رحيم لأن إجراء الرزق على يد غيره وجرت

مخ ۱۶۶