والاختيار رآه دينا قيما ... يوم السقيفة خيبر ودلام فهذه القصيدة شرح فيها الشيخ العالم محمد بن حميد أقوال المطرفية وأظهر فيها أسرارهم.........أخبارهم ومذاهبهم واعتقادهم، وهو وأمثاله المرجوع إليه في مذاهبهم، فإنه كان قد أقام عليه الليل والنهار، وفكر فيه الأسحار والأسمار، وناظر عليها مرارا، وجادل عليها أسفارا، ولكنه لما اتضح الدليل رجع إلى واضح السبيل، فالعلم بكونهم على هذا المهذب هو علم ضروري، كالعلم بسائر المذاهب البدعية من الجبر والتشبيه، ومذاهب الباطنية، وكمذاهب اليهود والنصارى، والمجوس والثنوية، فلا معنى لقول من ينصرهم بلسانه ويحبهم بقلبه وجنانه، ويجادل عليهم ويواثب، ويعادي ويحارب، بأنه ما علم بقولهم ولا سمع بما ذكرنا من مذهبهم، وإنما رأى عبادتهم وصلاتهم وجدهم واجتهادهم، فلهذا اتبعهم وقلدهم، وجادل عنهم، فإن هذه ضحكة عظيمة ومعذرة باطلة؛ لأن هذا إنما أخبر عن نفسه بأنه من عوام كل بدعة، شر من علماء تلك البدعة؛ لأنهم اتبعوا الضلال بغير شبهة، واعتدوا فيه بأسوأ المعذرة وهو التقليد، فصاروا مثل كفار الجاهلية {قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون}[الزخرف:22] ولأن علماؤهم يمكن هدايتهم بإزالة شبهته وتفهمه لموضع غرته، وعوامهم بتعسر هدايتهم لتعسر إبطاتل طريقه اتلتي ضل لأجلها وكفر من قبلها؛ لأنه لا يزال يقول: وكيف أمير عن مولاه من اعتقده من اهل الضلاح والورع، لأجل ما رأى منكم وأسمع، فلا يكاد يهتدي إلا أن ماجد التوفيق يصنعه، ويمي عما هو من طبعه والعادة علىكل شيء سلطان، ولهذا كان ذنب العوام أكبر، وهم عند الله ألوم وأخسر، ولهذا قال تعالى: {إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا}[الفرقان:44] ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل: ((عباد الله كونو علماء ولا تكونوا جهالا، فإن الجاهل في الدنيا مثل الأعمى في سواد الليل لا يعرف طريقه، وكيف يقطع الطريق وهو لا يعرف وهو في الآخرة ملومخاسر، ثم قال: إني قلت.........عذاب الجاهل في الآخرة، ولو كان الجاهل يعلم ما له عند الله من العقوبة لا يأكل طعاما لشهوة، ولا شرب شرابا لشهوة، فلو كان ما يذكره العامي من هذه الاعتذارات يكون منجيا له عند الله عز وجل؛ لوجب في أكثر اليهود أن يكون ناجيا عند الله عز وجل؛ لأنه يمكنهم أن يقولوا ......لسنا بعلماء وإنما اتبعنا علماء اليهود لما رأينا من تعبدهم وشدة محافظتهم على السبت، وعلى قراءة كتاب الله عن.........المنزل على موسى عليه السلام، فإن هذا هو الذي يصح أن يصح به عوام اليهود، وهم أكثر اليهود، ولوجب في أكثر النصارى أن يكونوا ناجين عند الله عز وجل؛ لأنهم يمكنهم أن يقولوا: ما نعرف كثيرا مما يروون من الشرك عند النصارى، ولكنا نرى عبادة علمائهم ورهبانهم، وكثرة تشددهم وإتعابهم لأنفسهم في الليل والنهار، وكثرة الصيام، والامتناع من المباحات الكثيرة التي لا يمتنع عنها أهل الإسلام، وهم لا يفعلون هذا إلا طلبا لرضى الله عز وجل، فلهذا اتبعناهم، وكان يجب في عوام اليهود والنصارى وهم أكثر اليهود والنصارى، أنه يجوز قتلهم ولا سبيهم، ولا يجوز اخذ الجزية منهم؛ لاعتذارهم بمثل اعتذار عوام المطرفية، وهم الأكثر من المطرفية، فكما أن ذلك لا يوجب قبوله منهم، ولا يكون مخلصا لعوام اليهود بل هم يهود، ولا لعوام النصارى بل هم نصارى، فكذلك لا يكون مخلصا لعوام المطرفية؛ لأنهم مطرفية، ولهذا قال تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله}[المجادلة:22] فإن هم كافرة، وقال تعالى: {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} إلى قوله: {ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل}[الممتحنة:1] فعوام المطرفية، وكذلك عوام سائر أهل البدع، قد اتخذوا أعداء الله أولياء، وألقوا إليهم بالمودة، فإن هم قد ضلو سواء السبيل، وقال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم}[المائدة:51] ولا شك أن عوام المطرفية ومن شابههم من عوام الفرق الرديةن يتولون المطرفية، ومن يجري مجراهم، فيجب أن يكونوا منهم، وقد رام عبد الله بن أبي سلول ميل ما رامه عوام المطرفية أن يكون مواليا للكفار من اليهود وغيرهم للحلف الذي بينه وبينهم، فجعله الله في الحكم منهم في هذه الآية، وكذلك حاطب بن أبي بلتعة رام أن ينفي على الإيمان مع المكاتبة لكفار قريش، فجعله الله كافرا ضالا سواء السبيل، وأيضا فالآية هي قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} نزلت في عبد الله بن أبي كما ذكره علماء التفسير، وأهل السير والآثار، والمعلوم أنه لو لم يولهم لأجل كفرهم وهم اليهودية، ولأنه لم يكن يهوديا بل كان جاهليا يعبد الأصنام، ويعادي أهل الكتاب، وإنما والاهم لغوثهم له فقط، مع بغضته لليهودية، فكذلك من يوالي المطرفية لا لأجل مذهبهم، فإنه يكون كافرا مطرفيا مثلهم، ولهذا حكم القاسم والهادي عليهما السلام بأن موالاة الفساق فسق، سواء والاهم لجل فسقهم أو لغير ذلك، ولهذا قالوا: لا يقبل المؤمن ما يعطونه؛ لأن لا يدخل محبتهم في قلبه، وتحت ما قلناه علم متى وجد قلبا واعيا، ومن المعلوم من ضرورة الدين أن كل من جارب مع قريش أو ظاهرهم أو ثر سوادهم فإنه يكون كافرا مثلهم، ولم ينفع عم النبي وأخو الوصي عليهما السلام العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب قولبهما: إنهما خرجا كرها، ولا قول العباس أنه كان بمكة مؤمنا مع العلم أن قلوبهما ومحبتهما وحميتها مع سيد الأنبياء وخير الأوصياء صلوات الله عليهما لما كثرا سواد الكافرين، وسارا مع المشركين، ولما أسر النبي عليه السلام العباس بن عبد المطلب قال له:
مخ ۶۷