العباسية-. فسكت العباس وانصرف من عنده إلى المنصور وقال يا أمير المؤمنين! تقطعني هذه الرحبة التي بين يدي مدينتك. قال: قد فعلت. فانصرف ومعه التوقيع بإقطاعها.
وصار موسى بعد خروجه إلى المنصور، فأعلمه ضيق منزله، وأنه لا قطيعة له وسأله أن يقطعه إياها. فقال له: هل شاورت فيها أحدا قبل أن تسألني؟ قال:
لا. إلا أن العباس بن محمد كان عندي اتفاقا. فأعلمته أني أريد استقطاعها منك.
فتبسم المنصور وقال قد سبقك واستقطعني إياها فأجبته إلى ذلك فأمسك عنها موسى بن كعب ولم يذكرها.
وذكر بعض المشيخة قال : رأيت السجل بإقطاع العباس وفيه: إنك سألت أمير المؤمنين إقطاعك الساحة التي كانت مضربا للبن مدينة السلام، فأقطعكما أمير المؤمنين على ما سألت وضمنت.
وقصر عيسى منسوب إلى عيسى بن علي بن عبد الله وهو أول قصر بناه الهاشميون ببغداذ في أيام المنصور.
وروي أن المنصور زار عيسى بن علي ومعه أربعة آلاف رجل من الجند فتغدى عنده وجميع خاصته، ودفع إلى كل رجل من الجند زنبيل فيه خبز وربع جدي ودجاجة وبيض ولحم بارد وحلوى. فانصرفوا كلهم مسمطين ذلك. فلما أراد المنصور أن ينصرف قال لعيسى: يا أبا العباس لي حاجة. قال: ما هي يا أمير المؤمنين، فأمرك طاعة؟ قال: تهب لي هذا القصر. قال: ما بي ظن عنك به، ولكن أكره أن يقول الناس: إن أمير المؤمنين زار عمه فأخرجه من قصره وشرده وشرد عياله. وبعد، فإن فيه من حرم أمير المؤمنين ومواليه أربعة آلاف نفس. فإن لم يكن بد من أخذه فليأمر لي أمير المؤمنين بفضاء يسعني [40 أ] ويسعهم أضرب فيه مضارب وخيما أنقلهم إليها إلى أن أبني لهم ما يواريهم. فقال له المنصور:
عمر الله بك منزلك يا عم، وبارك فيه. ثم نهض منصرفا.
مخ ۳۰۲