ومنه واختلفوا في قدر ما يستحقه العامل على الصدقات. فقال الشافعي: يعطون منها بقدر أجور أمثالهم.
وقال مالك بن أنس: إنما ذلك إلى الإمام واجتهاده، وذكر أبو بكر أن هذا قول سفيان الثوري وأهل العراق، وبه قال أبو عبيد.
وقال محمد بن الحسن: قدر ما يرى.
وقال أبو ثور: بعطيهم عماله مثلهم وإن كان أكثر من الثمن.
قال أبو سعيد قال: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا إن سهم العاملين عليها إذا لم يكن إمام قد فرض لها فرائض معلومة في بيت مال /236/الله، فإنما يعطون منها ما رآه الإمام باجتهاد النظر والمشورة على أهل البصر، واختلاف منازل العاملين في فضلهم وفقرهم وكثر عولهم وقلة عنائهم، وكل هذا مما لا يخرج عندي إلا بالنظر، ولا أعلم يخرج في قول أصحابنا بمنزلة الأجرة إلا أن يرى ذلك الإمام لمعنى، فلا يبعد عندي إذا أوجبه النظر ولا أجعل ذلك واجبا بمنزلة أجرة الجير إذا لم يستعمل بأجرة معروفة، لأنهم قد قالوا إن للإمام أن يجعلها إذا وجب النظر بذلك كلها في سبيل الله وإقامته، ولا يعطي منها لسائر أصحاب السهام شيئا إذا أوجب النظر ذلك [بيان، 19/236]
ذكر سهم سبيل الله
(من كتاب الأشراف)
قال الله تبارك وتعالى: { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل } . قال أبو بكر: واختلفوا في سهم سبيل الله.
فقالت طائفة: يعطى الغازي منها وإن كان غنيا، هذا قول مالك والشافعي وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور.
وقال أحمد بن حنبل: يحمل من الزكاة في السبيل.
وقال النعمان ومحمد ويعقوب: لا يعطى الغازي في سبيل الله إلا أن يكون منقطعا.
وقال أبو بكر: وهذا خلاف ظاهر القرآن والسنة، فأما الكتاب فقوله: { في سبيل الله } ، وأما السنة فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (لا تحل الصدقة لغني إلا خمسة) آخرها (أو غاز في سبيل الله).
مخ ۶۷