في نقل الصدقة من بلد إلى بلد من كتاب (الأشراف) قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في نقل الصدقة من بلد إلى بلد. فاستحب أكثر أهل العلم أن لا يفعل لك، هذا مذهب طاوس وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير، وبه قال مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي، فإن أخرجها وفرقها في غير بلده فهو جائز في قول الليث بن سعد والشافعي وأصحاب الرأي.
وروينا عن الحسن البصري والنخعي أنهما كرها نقل الزكاة من بلد إلى بلد، إلا لذي قرابة، وكان أبو العالية يبعث بزكاة ماله إلى المدينة.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا بما يشبه معنى الاتفاق لأنهم يستحبون أن لا تحمل الزكاة من بلد إلى بلد غيره إلا أن /212/يستغني فقراء ذلك البلد ممن يستحق عندهم الزكاة. ولا أعلم ذلك يخرج في معاني الحكم أنهم ممنوعون ذلك إلا من طريق الخطرة عليهم للضمان إذا لم تصل الزكاة وتلفت.
وفي بعض معنى ما قيل: إنها لا تحمل على حال.
وفي بعض معنى ما قيل: إنها لا تحمل إلا إلى من لا يوجد مثله في البلد الذي يحمل منه في الفضل.
وفي معاني الاتفاق فيما يخرج عندي من قولهم إنه لو حملها حامل وسلمت وأداها إلى أهلها من أهل السهام إنه لا ضمان عليه، ولا أعلم في تضمينه لذلك اختلافا في معنى قول أصحابنا [بيان، 19/212]
مسألة: ذكر العاملين عليها من كتاب (الأشراف) قال الله تبارك وتعالى: { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم } . قال أبو بكر: كان الزهري يقول: هم السعاة.
وقال قتادة: هم جباتها الذين يجبونها.
وقال الشافعي: المتولون لقبضها.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج كله معنى واحد في قول أصحابنا، وكل من عمل فيها بنفسه فهو عامل بأي وجه عمل، ولحقه اسم العمل عليها ، ولا يختلف هذا النحو ولا هذا المعنى، وإن اختلف معنى عنائهم وسعايتهم ببعد المسافة وكثرة التعب فكلهم سواء، وهو عاملون.
مخ ۶۶