قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا بما يشبه معاني الاتفاق، من قراءة فاتحة الكتاب في صلاة الجنازة مرتين بعد التكبيرة الأولى، بعد قراءة فاتحة الكتاب وبعد التكبيرة الثانية، ولا أعلم في ذلك اختلافا. ومعي أنه /146/يخرج في قولهم: إن لم يقرأ الإمام فيها بفاتحة الكتاب ناسيا، فإن ترك ذلك كله ولم يقرأ فيها شيئا لم تقع الصلاة عندهم، وكان عليه الإعادة، وإن قرأها في أول مرة وتركها في آخر مرة تمت صلاته. وفي بعض قولهم: إن صلاتهم تامة على حال إذا نسيها. وأحسب أنه في بعض قولهم: إنه لو تركها عامدا كان قد أخطأ السنة ولا إعادة عليه.
ومنه قال أبو بكر: روينا عن عائشة أنها سئلت عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الميت كيف كانت؟ قالت قال: "اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان". قال أبو بكر: وبهذا قال سفيان الثوري، وقد روينا عن أنس بن مالك ووائلة بن الأسقع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه دعا بغير هذا الدعاء، وروينا عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- وعلي بن أبي طالب وجماعة من أهل العلم أنهم دعوا بدعوات مختلفة، وهي مذكورة في كتابنا، وما دعا المرء يجزي عنه.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني الاتفاق من قول أصحابنا: إن الدعاء على الميت في الصلاة ليس بمؤقت ولا محدود، وإنما يستحب كل واحد منهم شيئا يدعو به ويعلمه. ومعي أنه لابد من الدعاء أن يستغفر لذنبه وللمؤمنين والمؤمنات، فهذا عندي يخرج بمعنى الاتفاق، وكذلك إن كان الميت ممن يتولى خرج عندي بمعنى الاتفاق، والدعاء له بمعنى الولاية، وبما دعا له من ذلك أجزى، وبما يفعل ذلك وقصد إدخاله في جملة المسلمين رجوت أن يجزيه.
مخ ۱۹۶