قوله تعالى: [ ] {يريد الله ليبين لكم وليهديكم سنن الذين من قبلكم}(1) وقال:[ ] {يريد الله أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا}(2) وقال [ ] {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}(3) وقال: [ ] {وما الله يريد ظلما للعباد}(4) وقال: [ ] {يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره}(5) وقال: [ ] {ويريد الشيطان أن يضلهم ظلالا بعيدا ويريدون أن تضلوا السبيل}(6) فأخبر تبارك وتعالى أن إرادته الصلاح والرشد واليسر وأنها ليست في الظلم والغش والكذب والفساد، وأن إرادة الشيطان في أهل الباطل إنما هي في الكفر والظلم فمن أبى أن يقبل ما أمره الله به وينتهي عما نهاه الله عنه كان من إرادة الله وحكمته أن يصليه النار بما كسبت يداه وجناه على نفسه، فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الله إذا أمر العباد بشيء فقد أراده إرادة أمر لا إرادة جبر، وإذا نهى عن شيء لم يرده ولم يغلب على كونه والله لا يأمر بما لا يريد ولا ينهى عما يريد والله غالب غير مغلوب وأنه أحكم الحاكمين، ويدل على ما ذكرنا من أن الله تعالى يشأ الإحسان ولا يشأ القبائح ومشيئة الله تعالى لأفعاله تعالى هي إرادته إنقاذها في الوقت الذي يعلم الحكمة في إيجادها فيه، وإرادته تعالى لها هي قصده تعالى إيجادها في الأوقات التي قد علم تعالى أن إيجاده لها في ذلك الوقت حكمة ومصلحة للمكلفين، ومشيئته هي رضاه بالمفعول سواء كان من فعله تعالى أو من فعل العبيد، وأنه تعالى لا يشاء من أفعال العبيد إلا الحسن ولا يرضى إلا به، وأنه تعالى لا يشأ الظلم يدل على ذلك كله قوله تعالى:[ ] {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون}(1)
مخ ۲۶