إخراجهم من الملك على يديه. ثم لما كانت المقاتلة قتل فيها من شجعان النصارى ثلاثون ألف فارس ومن الرجالة ما لا يحصى، وبعيد أن يستقصي؛ وفر أذفونش ليلًا وهو يدعو حربًا وويلا. وفي ذلك يقول أبو محمد عبد الجليل بن وهبون:
نضَا أدرعه واجتاب ليلًا ... يودّ لو أنَّه في الطّول عَامُ
ستسألك النّساء ولا رجالٌ ... فحدّث ما وراءك يا عصام
فلما قضيت غزاتهم، وعادت صقورهم وبزاتهم؛ طمع الملثمون في بلاد بني المظفر، فحولوهم من العيش الأخضر، إلى الموت الأحمر؛ وحاصروهم وصابروهم. ودخلوا المدينة بالسيف، وحكموا فيهم أيدي الحيف، ودخلوها عليهم قهرا وقسرًا، وقتلوا الملكين الجليلين ولدى المتوكل صبرًا، وقدموهما قبله لرغبته لهم في تقديمها بين يديه لينال أجرهما ويكونا في ميزانه. فقدما عليه، وجعلوهما منه بمرأى العين، وقام بعدهما كي يصلي ركعتين فطعنوه بالرماح؛ وقد اختلط كلامه في صلاته، حتى أتوا على نفسه ووفاته؛ وكذلك غلبوا على ملوك الأندلس الباقين، ودخلوا إشبيلية قهرًا ذات الأنهار والبساتين؛ وأخرجوا المعتمد على الله من قصره، لى كلبه وأسره، وفي ذلك يقول في أبيات:
كَلْبي أما تَعرفُني مُسلما ... أبيت أن تُشفِق أو ترحماَ
1 / 26