وأبو نصر الفتح المتقدم الذكر، لاقيت جماعة من أصحابه، وحدثوني عنه بتصانيفه وعجائبه. وكان رحمان الله وإياه، مخلوع العذار في دنياه؛ ولكن كلامه في تواليفه كالسحر الحلال، والماء الزلال. قتل بحًا في مسكنه بفندق لبيب من حضرة مراكش، صدر سنة تسع وعشرين وخمسمائة. أخبرني بذلك الوزير الكاتب العالم أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن عميرة، وأن الذي أشار بقلته أمير المسلمين وناصر الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن تاشفين. وكان صاحب بطليوس أبو بكر بن عبد الله بن مسلمة؛ ذو الملك الأكبر، المنعوت بالسلطان المظفر؛ وبنوه ملوك الأعيان، وأعين ملوك الزمان. ولكبر قدرهم في الملوك، وكونهم فيهم كالواسطة في السلوك؛ نزلت عليهم ملوك بلاد الأندلس من المسلمين، وهو عام الزلاقة سنة تسع وسبعين. فقام ولده وولى عهده المتوكل على الله أبو محمد بن الملك المظفر، المخدوم بسعدة في إقامتهم بجميع ما يحتاجونه، ووجدوا عنده فوق ما يرجونه؛ وفي جملتهم أبو يعقوب يوسف بن تاشفين، المتسمى بأمير المسلمين، مع جماعة لا تحصى من الملثمين؛ لأنه وصل من مراكش مستدعي لقتال العدو المتحرك إلى البلاد، برغبة الملك المعتمد على الله أبي القاسم محمد بن عباد؛ لأنه جاز البحر إليه، فأنعم بالإجابة عليه، لما أراد الله من
1 / 25