Fatimah Az-Zahra dan Fatimiyun
فاطمة الزهراء والفاطميون
Genre-genre
ولهذا راجت خرافة النسب إلى المجوس واليهود، وهي خرافة تنكرها الحقائق النفسية ولا تؤيدها الشواهد التاريخية، وكل ما ثبتت نسبته إلى أصحاب الباطنية الفاطمية فهو من المسائل التي يختلف عليها طوائف المسلمين من سنين وشيعيين، بل يختلف عليها الشيعيون الإماميون أنفسهم بين القائلين بإمامة موسى والقائلين بإمامة إسماعيل من أبناء جعفر الصادق، وليس وراء ذلك كله دسيسة لهدم الإسلام كله وتضليل المسلمين أجمعين. •••
ومحصل القول في المذهب الإسماعيلي من الوجهة الفلسفية أنه هو مذهب الفيض الإلهي كما اعتقده المتصوفة المسلمون من أصحاب الدعوات السياسية وغير أصحاب الدعوات السياسية، يضاف إليه القول بعصمة الإمام وأنه وحده القادر على التأويل الصحيح والإحاطة ببواطن التنزيل، وينبغي أن نذكر هنا أن القول بالعصمة الواجبة لكل إمام كان مذهبا من مذاهب الفلسفة في حكومة المدينة الفاضلة، فإن الفيلسوف الفارابي الذي كان يلقب بالمعلم الثاني قد طلب لإمام المدينة الفاضلة كمال العقل والعلم والخيال والذوق والخلق والخلقة، ولعله لهذا كان قريبا من الشيعة محبا للمتشيعين.
وقد كان القول بعصمة الأئمة لا يوجب على المؤمنين به سب كل خليفة غير الإمام علي وأبنائه الأكرمين، ولكن سب الخلفاء جرى على ألسنة طائفة من غلاة الفاطميين وغير الفاطميين، فاستنكره عقلاؤهم وحكماؤهم، واستنكره أدبا من لا ينكره اعتقادا ولا يرى الخلافة لأحد غير الإمام علي وبنيه، ولا عذر من المسبة الباطلة على كل حال، ولكن الخلاف القبيح الذي أطلق الألسنة بلعن علي على المنابر ستين أو سبعين سنة، هو الخلاف القبيح الذي أطلق الألسنة بعد ذلك بالجرأة على أقدار الأئمة الآخرين رضوان الله عليهم أجمعين.
الفصل الثالث عشر
حسن بن الصباح
أشرنا في الفصل السابق إلى التغير الذي طرأ على نظام الدعوة الإسماعيلية بعد دخول الحسن بن الصباح في زمرتها، وسنرى من جملة الأخبار والأعمال التي رويت عن ابن الصباح أن الرجل من أصحاب تلك الشخصيات التي لا تتصدى لدعوة من الدعوات إلا أضافت إليها شيئا من عندها وطبعتها بطابعها، وأنه لم يكن من أولئك الذين يتعلقون بدولاب كبير يديرهم إلى وجهته، بل كان من الذين يديرون الدولاب إلى وجهتهم حين يتعلقون به، ولا يدفعهم إلى التعلق به إلا أنهم لا يستطيعون أن يخلقوا لأنفسهم دولابا مستقلا يتعلق به الآخرون.
واتفقت الأخبار الصادقة والكاذبة التي رويت عن الرجل على صفة واحدة فيه يثبتها الخبر الصحيح والخبر الكاذب على السواء، وهي الجنون بالسيطرة والغلبة، ونتعمد أن نسميها الجنون بالسيطرة ولا نسميها حبا للسيطرة ولا رغبة فيها؛ لأنه كان مغلوبا لدفعه نفسه أو كان أول من غلبته تلك النزعة فمضى معها مسوقا لها غير قادر على الوقوف بها ولا الراحة معها.
والسيطرة محبوبة لكل إنسان، ولكن الفرق عظيم بين من يهيم بالسيطرة؛ لأنه لا يطيق العيش بغيرها، وبين من يطلبها؛ لأنه يفضلها على عيشة بغير سيطرة أو يفضلها على عيشة الطاعة والإذعان للمسيطرين.
ذلك مضطر إلى طلب السيطرة، وهذا مختار في المفاضلة بين الحصول عليها والاستغناء عنها، وقد يفضل الاستغناء عنها إذا جشمه الطلب فوق ما يطيق.
وكان الرجل داهيا ولكنه لم يكن من الدهاء بحيث يستر مطامعه ولا يثير المخاوف فيمن حوله.
Halaman tidak diketahui