Fatimah Az-Zahra dan Fatimiyun
فاطمة الزهراء والفاطميون
Genre-genre
مت بداء الصمت خير
لك من داء الكلام
إلا أن يكون مندوبا لعمل لا حيلة له فيه، أو متجردا لرسالة يهون فيها عنده أن يقول وأن يقال فيه.
ومن المحقق أن الباطنية الفاطمية إليها أضيف الكثير بعد دخول الحسن بن الصباح الذي سيأتي ذكره في زمرتها، ومن هذا الكثير أنظمة لم تعهدها من قبل، وعقائد لم تكن لازمة لها ولا معقولة منها، وأهم هذه الأنظمة نظام الفدائيين الذين كانوا عدة الرؤساء في حوادث الغيلة والهجوم على المخاطر، فهؤلاء لم يظهر لهم عمل في خدمة الباطنية إلا بعد نشوء الدولة الفاطمية بأكثر من مائة سنة، ولو كان للخلفاء الفاطميين جند من هذا النظام لما استبد بهم الوزراء أحيانا من غير مذهبهم، ولا من المجاملين لطوائف الإسماعيلية المخلصة لأولئك الخلفاء. •••
فقد استبد الأمير بدر الجمالي بالأمر دون الخليفة - وهو أمير الجيوش الذي ينسب إليه حي مرجوش والجمالية - وجاء ابنه الأفضل من بعده وسار مع الخليفة الآمر على خطة أبيه، وكان بدر وابنه الأفضل على مذهب من مذاهب الشيعة غير مذهب الإسماعيلية، فصادروا الإسماعيليين ونفوا أناسا من قادتهم وغلاتهم من الديار المصرية، وضاق الخليفة الآمر بوزيره ذرعا فتحدث إلى ابن عمه في قتله عند دخوله إليه بقصر الخلافة، ووافقه ابن عمه على وجوب الخلاص من الوزير المستبد، ولكنه أشفق على سمعة القصر من جرائر اغتيال الوزراء والكبراء في رحابه، وأشار عليه بتحريض رجل من صنائع الوزير نفسه على قتله، وإغرائه بمنصب سيده مكافأة له على طاعته، واتفقا على اختيار المأمون ابن البطائحي لهذه المهمة، فقبل هذا ما أمروه به طمعا في الوزارة، ولم يجد البطائحي من يعينه على مهمته غير أعداء الوزير الذين نفاهم من مصر ثم تسللوا إليها خفية. وشجعهم على الانتقام منه إغراء البطائحي لهم ووعدهم بالعفو عنهم وإسناد الوظائف إليهم متى آلت إليه وزارة الدولة، ولو كان نظام الفدائيين معروفا يومئذ في الدولة الفاطمية لما استطاع الوزير الأرمني المخالف لمذهب الإسماعيلية أن يستبد بالإمام المطاع، ولا احتاج الإمام المطاع إلى التفكير في اغتيال الوزير بين يديه بقصر الخلافة، ولا إلى تدبير تلك المؤامرة التي اعتمد فيها على الوعد والإغراء والاستعانة بذوي المطامع والترات.
6
ولا شك أن الحسن بن الصباح لم يعمد إلى نظام الفدائيين إلا بعد استيلائه - كما سيلي - على قلعة «آلموت» واضطراره إلى حماية نفسه من دول حوله تجرد الجيوش لقتاله، وهو في قلعته بغير جيش يقاوم تلك الجيوش الزاحفة عليه بمثل عدتها وعددها في ميادين القتال.
وقد تغيرت الدعوة كلها حين تغير موضوعها وتغيرت وسائلها، وأمعنت في التخفي أو في «الباطنية» الواقعية، حين أمعنت في الهجوم على خصومها وأمعن خصومها في الهجوم عليها. •••
أما قبل دخول ابن الصباح في زمرة الباطنية فقد كان استخفاء الدعاة وأتباع الدعاة ضرورة لا محيد عنها لانتشار أصحاب الدعوة في بلاد واسعة تدين بالطاعة لحكومات متوجسة، تسرع إلى التنكيل بكل ما يخالفها ويناصر أعداءها. ولم يكن هذا الاستخفاء لترويج الدسيسة التي تمالأ عليها «مجوس أو يهود» بيتوا النية على هدم الدين وتضليل المسلمين، بل كان لزاما لأصحاب تلك الحكومات ولا شك أن يشركوا رعاياهم معهم في الخوف من الإسماعيلية، فلو أنهم قالوا لأولئك الرعايا: إن الإسماعيليين طلاب ملك ينتزعونه من ملوك ذلك الزمن، لما تحركت لأولئك الرعايا ساكنة في حربهم والدلالة على مكانهم؛ إذ كان أكثر الرعايا يعلمون أن الحكم في أيدي أناس لا يستحقونه بعلمهم وعملهم وإن استحقوه بنسبتهم، وأن أصحاب السلطان الفعال من أجناد الديلم والترك دخلاء على العباسيين كما كانوا دخلاء على الفاطميين، فإن لم يكن خطر الإسماعيلية خطرا على الدين وعلى المسلمين جميعا فهو خطر لا يهم الناس في كثير ولا قليل، ما دام مقصورا على أصحاب العروش والدسوت.
7
Halaman tidak diketahui