وفي الأزمنة التالية استرد عرب نوميديا، الذين كانوا عبيد النوميديين تقريبا، استردوا حريتهم وهيمنوا رغم أولئك على جزء من نوميديا الذي أقطعهم إياه المنصور، حتى أصبحوا يوسعون أراضييهم يوما بعد يوم. أما العرب الذين كانوا يسكنون أزغار والمناطق الأخرى من موريتانيا فقد استعبدوا، لأن العرب خارج الصحراء كالسمك خارج الماء (98)، وكانوا يودون الذهاب إلى الصحراء ولكن كان ذلك من المستحيل عليهم، لأن ممرات جبال الأطلس كانت تحت حراسة وسيطرة البربر. ومن جهة أخرى كان عليهم أن يكفوا عن أي توسع في الأرياف، لأن عربا آخرين كانوا سادتها. ولهذا تخلوا عن كبريائهم وانصرفوا إلى رعي الماشية وزراعة الأرض. ولكنهم ظلوا يعيشون تحت الخيام لا تحت أكواخ أو بيوت ريفية. وبالإضافة إلى توسعهم أصبح عليهم أن يدفعوا سنويا ضرائب وعوائد لملك فاس. أما عرب دكالة الذين تحصنوا بكثرتهم فقد كانوا أحرارا وما كانوا ملزمين بدفع أية ضريبة. وبقي قسم من العرب في منطقة تونس لأن المنصور رفض اصطحابهم معه. وبعد رحيله قام هؤلاء باحتلال تونس، وأصبحوا سادة البلاد واستمرت هيمنتهم إلى أن ثار بعض أمراء أسرة أبي حفص. فاتفق العرب معهم كي يتركوا لهم السلطة العليا بشرط أن يحصلوا على نصف الضرائب ومنتجات الأرض التي ستنتزع من المملكة (99).
पृष्ठ 57