على حمل السلاح يقارب الخمسين ألفا، باستثناء النساء والأولاد والمواشي وكان عدد هؤلاء لا يحصى. وقد ذكر المؤرخ الإفريقي ابن رقيق، الذي سبق لنا الكلام عنه، تقديرا صحيحا عنهم (94). وهكذا اجتاز العرب الصحراء التى قلنا إنها تقع بين مصر وبلاد البربر، في قليل من الوقت. وتوقفوا قليلا لضرب الحصار على طرابلس، واستولوا على هذه المدينة عنوة وخربوها، وقتلوا كل أولئك الذين تمكنوا من قتلهم. وانطلقوا من هناك إلى قابس التي هدموها. وأخيرا حاصروا القيروان. ولكن الأمير الثائر الذي كان قد اختزن الأقوات وكل ما كان يحتاج إليه استطاع أن يصمد للحصار المضروب على المدينة مدة ثمانية أشهر إلى أن اجتاحها العرب بالقوة ودمروها. أما هو فقد اغتيل بعد أن تعرض للعديد من أشكال التعذيب (95).
وعلى أثر ذلك استحوذ العرب على جميع الأرياف وسكنوها وفرضوا على كل مدينة غرامات وتكاليف باهظة. وظلوا سادة هذه المنطقة من إفريقيا حتى عهد يوسف بن تاشفين (مؤسس دولة المرابطين) وهو أول ملك في مراكش. فاستخدم هذا كل سلطته لنجدة أولئك الذين يمتون بصلة القربى والصداقة إلى الأمير الثائر المتوفي. ولم يهدأ إلا بعد أن أنقذ المدن من هيمنة العرب (96).
पृष्ठ 55