إِلَيْهِ ابْن عقيل من الْإِيمَان بِالْآيَاتِ وأخبار الصِّفَات مَعَ الْإِقْرَار وَالتَّسْلِيم وَترك التَّأْوِيل والتعطيل والتشبيه والتمثيل على مَا هُوَ مَذْهَب السّلف الصَّالح وَالْأَئِمَّة المرضيين رَحْمَة الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ
وَبَيَان ذَلِك من وُجُوه تِسْعَة
أَحدهَا قَول الله ﷾ ﴿هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آيَات محكمات هن أم الْكتاب وَأخر متشابهات فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ فيتبعون مَا تشابه مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَة وابتغاء تَأْوِيله﴾ فذم مُتبع التَّأْوِيل وقرنه بمبتغي الْفِتْنَة فِي الذَّم وَجعل ابتغاءه لذَلِك عَلامَة على الزيغ فَدلَّ ذَلِك على أَن ابتغاءه غير جَائِز
ثمَّ قطعهم عَمَّا أَملوهُ وحجبهم عَن بُلُوغ مَا ابتغوه بقوله ﷾ ﴿وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله﴾
ثمَّ قَالَ ﷾ ﴿والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا وَمَا يذكر إِلَّا أولُوا الْأَلْبَاب﴾
ثمَّ سَأَلُوا رَبهم أَن لَا يجعلهم مثل متبعي التَّأْوِيل الزائغين فَقَالُوا ﴿رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا﴾
الْوَجْه الثَّانِي أَنه لَو كَانَ تَأْوِيل ذَلِك وَاجِبا لبينه النَّبِي ﷺ لأمته فَإِنَّهُ لَا يجوز تَأْخِير الْبَيَان عَن وقته وَلِأَنَّهُ لَو وَجب علينا التَّأْوِيل لوَجَبَ عَلَيْهِ ﷺ فَإِنَّهُ ﷺ مسَاوٍ لنا فِي الْأَحْكَام وَلَو وَجب عَلَيْهِ لما أخل بِهِ وَلِأَنَّهُ ﷺ حَرِيص على أمته لم يكتم عَنْهُم شَيْئا أمره الله بِهِ
وَقد قَالَ الله تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته﴾
الْوَجْه الثَّالِث أَنه قد ثَبت أَن مَذْهَب السّلف ﵃ وَمن بعدهمْ من الْأَئِمَّة فِي هَذِه الْآيَات الْإِقْرَار والإمرار والرضاء وَالتَّسْلِيم من غير تَأْوِيل وَلَا تَعْطِيل وَقد بَينا بِالدَّلِيلِ أَن مَذْهَبهم الْحق وَأَنَّهُمْ على الْهدى الْمُسْتَقيم فَلَا يجوز مُخَالفَة سبيلهم وَلَا الْعُدُول عَن طريقهم
1 / 50