وللموت سوراتٌ بها تنقض القوى ... وتسلو عن المالِ النفوسُ الشحائح
لبشر بن سليمان:
ولم أر مثل الخير يتركه امرؤٌ ... ولا الشر يأتيه امرؤٌ وهو طائع
ولا كاتقاء الله خيرًا بقية ... وأحسن صوتًا حين يسمع سامع
ولا كالمنى لا ترجع الدهر طائلًا ... لو أنَّ الفتى عنهنَّ بالحقِّ قانع
ولا كذهاب المرء في شأن غيره ... ليشغله عن شأنه وهو ضائعُ
لشبيب بن البرصاء:
وللحق من مالي إذا هو ضافني ... نصيبٌ وللنفس الشعاع نصيبُ
ولا خير فيمن لا يوطن نفسه ... على نائبات الدهر حين تنوبُ
لآخر:
ومن يغترب يعرف مكان صديقه ... ومن يغزُ لا يعدم بلاءً من الدهر
ولم أرَ ذا عسر يدوم ولا غنى ... وليس الغنى إلا قريبًا من الفقر
فإنْ يك عارًا ما أتيتُ فربما ... أتى المرء يومُ السوء من حيث لا يدري
لذواد بن الرقراق:
وما الود إلا عند من هو أهله ... ولا الشر إلا عند من هو حامله
وفي الدهر والتجريب للمرء زاجرٌ ... وفي الموت شغلٌ للفتى هو شاغله
لعمران بن حطان:
يأسفُ المرء على ما فاته ... من لباناتٍ إذا لم يقضها
ونراهُ فرحًا مستبشرًا ... بالتي أمضى كأنْ لم يمضها
عجبًا من فرح النفس بها ... بعدما قد خرجت من قبضها
إنها عندي وأحلامُ الكرى ... لقريبٌ بعضها من بعضها
لغيره:
وإني لزوارٌ لمن لا يزروني ... إذا لم يكن في وده بمريبِ
ومستقربٌ دار الحبيب وإن نأتْ ... وما دار من أبغضته بقريبِ
قال القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني:
وما زلتُ منحازًا بعرضي جانبًا ... من الذل أعتد الصيانة مغنما
إذا قيل هذا مشربٌ قلت: قد أرى ... ولكن نفس الحر تحتمل الظما
أنهنهها عن بعض ما لا يشينها ... مخافة أقوالِ العدى فيم أولما
فأصبح من عتب اللئيم مسلمًا ... وقد رحت في نفس الكريم مكرما
يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما ... رأوا رجلًا عن موقف الذل أحجما
أرى الناس من داناهم هان عندهم ... ومن أكرمتهُ عزة النفس أكرما
ولم أقض حقَّ العلم إن كان كلما ... بدا طمعٌ صيرته لي سلما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدمَ من لاقيتُ لكن لأخدما
أأشقى به غرسًا وأجنيه ذلةً ... إذًا فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أهانوه فهانوا ودنسوا ... محياه بالأطماع حتى تجهما
وإني إذا ما فاتني الأمر لم أبتْ ... أقلبُ كفي أثره متندما
ولكنه إنْ جاء عفوًا قبلته ... وإنْ مال لم أتبعهُ هلا وليتما
وأقبض خطوي عن حظوظٍ كثيرة ... إذا لم أنلها وافر العرض مكرما
وأكرم نفسي أن أضاحك عابسًا ... وأن أتلقى بالمديح مذمما
وكم طالب رقي بنعماه لم يصل ... إليه وإنْ كان الرئيس المعظما
وما كل برقٍ لاح لي يستفزني ... ولا كل من في الأرض أرضاه منعما
ولكن إذا ما اضطرني الأمرُ لم أزل ... أقلب فكري منجدًا ثم متهما
إلى أن أرى من لا أغص بذكره ... إذا قلتُ قد أسدى إليَّ وأنعما
وكم نعمةٍ كانت على الحر نقمةً ... وكم مغنمٍ يعتدهُ الحر مغرما
قال أبو تمام:
وإذا أرادَ الله نشر فضيلةٍ ... طويتْ أتاح لها لسان حسودِ
لولا اشتعال النار فيما جاورتْ ... ما كان يعرفُ طيب عرف العودِ
لولا التخوفُ للعواقب لم تزل ... للحاسد النعمى على المحسودِ
وله أيضًا:
وطول مقام المرء في الحي مخلقٌ ... لديباجتيه فاغترب تتجدد
فإني رأيت الشمس زيدت محبةً ... إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد
وله أيضًا:
لا تأخذني بالزمان فليس لي ... تبعًا ولست على الزمان كفيلا
من زاحفَ الأيام ثم عبالها ... غير القناعة لم يزل مفلولا
من كان مرعى عزمه وهمومه ... مرعى الأماني لم يزل مهزولا
لو جار سلطانُ القنوع وحكمه ... في الخلق ما كان القليلُ قليلا
1 / 37