سنراه في الأخرى بعيني رأسنا ... إذ ذاك وعد الله ما لن يخلفه قلت ومن أراد تفصيل المنظومات في الرد على بيتي الزمخشري المذكورين فليرجع إلى «طبقات التاج السبكي» في ترجمة الجاربردي 1 فإنه يرى ما يبهجه. هذا وقد أحببت أن أحلي جيد ترجمة شيخنا المنوه به بذكر شذرة من فرائد فوائده الدالة على أنه تسنم من المعارف ذروتها ومن بدائع التحقيقات ربوتها، فأقول: من فوائده، رحمه الله، ما كتبه على «العزيزي في شرح الجامع الصغير» 2 عند حديث أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد إلخ، فإنه نقل عن العلقمي أن في هذا الحديث ردا على من يزعم من أهل الهيئة أن الكسوف أمر عادي لا يتقدم ولا يتأخر، إذ لو كان كما يقولون لم يكن في ذلك تخويف إلخ. فكتب شيخنا المترجم رحمه الله ما نصه: قوله وفي هذا الحديث رد إلخ، أقول: قال حجة الإسلام الغزالي في «كتابه المنقذ من الضلال» الآفة الثانية نشأت من صديق للإسلام جاهل ظن أن الدين ينبغي أن ينصر بإنكار كل علم منسوب إليهم، أي إلى الفلاسفة، فأنكر جميع علومهم وادعى جهلهم فيها حتى أنكر قولهم في الخسوف والكسوف، وزعم أن ما قالوه فيهما على خلاف الشرع فإذا قرع ذلك سمع من عرف ذلك بالبرهان القاطع فازداد للفلسفة حبا وللإسلام بغضا، ولقد عظم على الدين جناية من ظن أن الإسلام ينصر بإنكار هذه العلوم وليس في الشرع تعرض لهذه العلوم بالنفي والإثبات ولا في هذه العلوم تعرض للأمور الدينية. وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى إلخ» 1 ليس في هذا ما يوجب إنكار علم الحساب المعرف لسير الشمس والقمر واجتماعهما أو مقابلتها على وجه مخصوص، وأما قوله عليه السلام: «لكن الله إذا تجلى لشيء خضع له» فليس توجد هذه الزيادة في الصحيح أصلا. اه.
وقد بسط الكلام في هذا المقام في المقالة الثانية من كتاب «تهافت الفلاسفة». إذا علمت ذلك فاعلم أن قوله: إذ لو كان كما يقولون لم يكن في ذلك تخويف. وقوله: فلو كان الكسوف بالحساب لم يقع الفزع ولم يكن الأمر بالعتق والصدقة والذكر والصلاة معنى اه.
Shafi 22