3 - ثم قالوا : ' فمن الشرع ما قد عمل به ، ثم ترك لحديث وارد نسخه ، أو لوهن في طريقه فلم يصح ، أو لم يقع الإجماع على استعماله من أجل ذلك ' . الجواب - وبالله التوفيق - عن قولهم : فمن الشرع ما قد عمل به ، ثم ترك لحديث وارد نسخه ، فينبغي لمن تعاطى هذا يورد ( 3 ) ذلك الحديث الذي نسخ ذلك الشرع ، فإن أورده لزم الانقياد له ، وغن عجز عن ذلك فليتق الله على نفسه ، ولا يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بان يقول عليه بظنه ما لا يعلم صحته ، فان الله تعالى يقول : { إن الظن لا يغني من الحق شيئا } ( يونس : 36 ) ، وقد صح أن من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فليتبوأ مقعده من النار ( 4 ) ، ومن [ 173 ب ] ترك شرعا صحيحا لدعواه الكاذبة أن ها هنا حديثا قد نسخه ، ولا يدري صحة ذلك ولا يعرفه ، فقد أتى أكبر الكبائر ، ونعوذ بالله من الخذلان . وأما قولهم : لوهن في طريقه فلم يصح ، فهذا علم ما يدرى منهم أحد يدري فيه كلمة فما فوقها ، ومن تكلم فيما لا يدري فقد تعرض لسخط الله ، إذ يقول : { وتقولون لأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم } ( النور : 15 ) . ثم أطرف شيء قولهم : ' أو لم يقع الإجماع على استعماله ' ؛ نسأل هذا الجاهل الذي أتى بهذه الطامة عن كل ما يدينون ما خالف فيه مالكا سائر العلماء ، وربما بعض أصحابه : هل وقع الإجماع على استعماله ( 1 ) أم لا فغن قالوا : وقع الإجماع على استعماله ، كابروا أسمج مكابرة ، وناقضوا بادعائهم الإجماع على ما فيه الاختلاف بإقرارهم . وغن قالوا : لم يقع الإجماع على استعماله ، قيل لهم : فكيف تعيبون القول بما لم يقع الإجماع على استعماله وأنتم تقولون في أكثر أقوالكم بما لم يقع الإجماع على استعماله ولو أن من هذا مبلغه من العلم سكت ، لكان أولى به وأسلم ، والحمد لله على مننه
4 - ثم قالوا : ' وليس يشك أن المتقدمين من الصحابة والتابعين والسلف الماضين قد بحثوا عنه ووقفوا منه على حقيقة أوجبت تركه أو استعماله ( 2 ) ، فسكتوا عن ذلك للمعرفة الثابتة التي وردتهم ( 3 ) ، وإنهم في غير الثقة والقبول غير متهمين ' .
Shafi 76