فالجواب - وبال التوفيق - أن خصمنا يحتج أنه لا يلزمه الخروج عما قيده الثقات إلى آخر الفصل ( 1 ) - كلام يشاركهم فيه كل فرقة من فرق الإسلام ، فليسوا أولى بهذه القصة من أصحاب أبي حنيفة ولا من أصحاب الشافعي ، ولا من أصحاب أحمد بن حنبل [ 172 ب ] رحمه الله على جميعهم ، فكل لهم ثقات على الجملة وثقات عندهم ، عن لم يكونوا أكثر من شيوخ المالكيين لم يكونوا أقل منهم ، قد رووا أقوالهم وقيدوها عن الثقات كذلك ، وهم أيضا في جملتهم عدد كبير . وتضمنت تلك الأمور كتب الثقات عنهم ، ليس جهل هؤلاء بها حجة على أولئك ، كما أن أولئك أيضا لا يعرفون كتب المالكيين ، وأكثرهم لم يسمع قط بأسمائها ، فأي فرق بين هذه الدعاوى لو نصحوا أنفسهم وأما قولهم في الخروج عما هذه صفته إلى قول واحد ، فمعاذ الله أن ندعو أحدا إلى قول أحد غير قول الله عز وجل وقول رسوله صلى الله عليه وسلم الذي يقول الكاره والراضي منهم والمسلم والراغم إنه الحق الذي لا حق في الأرض سواه . وأما قولهم : إنا نرى التعليل والاحتجاج ، فقد مزحوا الكذب بالصدق والباطل بالحق ، وأعوذ بالله أن نرى التعليل ، بل قد رمونا ها هنا برأيهم ، وهم الداعون إلى التعليل لا نحن ، وكتب حذاقهم في إثبات العلل والقول بالتعليل مملوءة ، كما أن كتبنا وكتب أصحابنا مملوءة من إبطال العلل والمنع من التعليل . فلو اتقى الله تعالى هؤلاء القوم لم يتكلموا فيما لا يحسنونه وقد سمعوا قول الله تعالى : { هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم ، فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم } ( آل عمران : 66 ) . وأما قولهم إننا نرد بالمنطقي على الشرعي ، فكذب وجهل ومكابرة ، ونحن الداعون إلى الشرع ، لأننا إنما ندعو الناس إلى كتاب الله تعالى الذي { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } ( فصلت : 42 ) وإلى بيان رسوله صلى الله عليه وسلم ، الذي أمره الله تعالى بالبيان عنه ، وإلى إجماع الصحابة رضوان الله عليهم ، فكيف يرد على الشرعي من هذه صفته إنما يرد على الشرعي من يدعى إلى كلام الله تعالى وكلام نبيه محمد صلى عليه وسلم ، وإجماع الصحابة رضي الله عنهم ، فيعارض [ 173 / أ ] ذلك برأيه ويعرض عن ذلك إلى قياسه ، إن ( 2 ) كان عند نفسه ممن يفهم ، أو إلى تقليده إن تقليده إن كان مقصرا معترفا بتقصيره . فلينظروا هم ونحن في هاتين الصفتين : من الجاهل لكل صفة منهما ( 1 ) ثم لينظر كل واحد منا الجزاء من الملي بالمجازاة ، من الذي لا إله إلا هو
2 - ثم قالوا : ' والشرع إنما هو مسموع متبع معمول به ' . فالجواب : إن هذا حق صحيح ، ولكن يلزمهم تبيين من هو الشرع منه مسموع ومن هو المتبع في الشرع ، وشرع من هو المعمول به . فإن ( 2 ) قالوا : إنه لا يسمع الشرع إلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى ، ولا يتبع في الشرع أحد سواه عليه السلام ، ولا يجوز العمل إلا بشرعه ، صدقوا وهو قلنا ، ولله الحمد ، ووافقونا وانقطع الخلاف . فإن قالوا غير هذا لزمهم ما لا يخفى على أحد من أهل الإسلام ، فإن قالوا : هو مسموع من العلماء وهم المتبعون فيه ، قيل لهم : هل اتفق العلماء أو اختلفوا فإن قالوا : اتفقوا ، كذبوا كذبا لا يخفى على ذي عقل ، ولا يرضي بالكذب إلا خسيس لا دين له ولا مروءة . وغن قالوا : بل اختلفوا ، قيل لهم : فلا تموهوا بإجمال ذكر العلماء من أهل الأمصار
Shafi 75