وأقعدت أبراجها من بعد الْقيام والانتصاب، وأضرعت مسايغها لهول الْمُصَاب، انْصَرف عَنْهَا الْمُسلمُونَ بِالْفَتْح، الَّذِي عظم صيته، والعز للَّذي سما طرفه، واشرأب ليته، وَالْقصر الَّذِي حمد مسراه ومبيته، وَالْحَمْد لله ناظم الْأَمر، وَقد رأب شتيته، وَجَابِر الْكسر، وَقد أفات الْجَبْر مفيته. ثمَّ كَانَ الْغَزْو إِلَى أم الْبِلَاد، ومثوى الطارف والتلاد، قرطبة، وَمَا أَدْرَاك مَا قرطبة. الْمَدِينَة، الَّتِي على عمل أَهلهَا فِي الْقَدِيم، بِهَذَا الإقليم، كَانَ الْعَمَل، والكرسي الَّذِي بفضله أرعى الهمل، والمصر الَّذِي لَهُ فِي خطة الْمَعْمُور النَّاقة والجمل، والأفق الَّذِي هُوَ لشمس الْخلَافَة العبشمية الْحمل، فخيم الْإِسْلَام بعنوتها المستباحة، وَأَجَازَ نهرها المعيي على السياحة، وَعم دوحها الأشف بوارا، وأدار المحلات بسورها سوارا، وَأخذ بمخنقها حصارا، وأعمل النَّصْر بشجر نصلها، اجتناء مَا شَاءَ الله واهتصارا، وجدل من أبطالها من لم يرض الحجار، فأعمل إِلَى الْمُسلمين إحصارا، حَتَّى فرع بعض جهاتها غلابا جهارا [وَرفعت الْأَعْلَام إعلاما بعز الْإِسْلَام وإظهارا]، فلولا استهلال الغوادي، وَإِن أَتَى الْوَادي، لأفضت إِلَى فتوح الْفتُوح تِلْكَ المبادىء، وأمضى تفئة العاكف والبادي، فَاقْتضى الرَّأْي، ولذنب الزَّمن بِفضل الله فِي اغتصاب الْكفْر إِيَّاهَا متاب، تعْمل ببشراه اقتاد واقتاب، وَلكُل أجل كتاب، أَن يراض صعبها، حَتَّى يعود ذلولا، وتعفى معاهدها الآهلة، فَتتْرك طلولا، فَإِذا فجع الله بمارج النَّار طوايفها المارجة، وأباد نجارجها الطايرة والدارجة، خطب السَّيْف مِنْهَا أم خَارِجَة. فَعِنْدَ ذَلِك أطلقنا بهَا أَلْسِنَة النَّار، ومفارق الهضاب بالهشيم قد شابت، والغلات المستغلات، قد دَعَا بهَا أهل الْفضل فَمَا ارتابت
1 / 77