وَكَأن صفيحة نهرها، لما أضرمت النَّار خفافي ظهرهَا ذَابَتْ، وحية فرت أَمَام الْحَرِيق وانسابت، وَتَخَلَّفت لغمايم الدُّخان عمايم، تلويها برءوس الْجبَال، أَيدي الرِّيَاح، وتنثرها [بعد الركود]، أَيدي الاجتياح. وأغرينا، بأقطارها الشاسعة، وجهاتها الواسعة، جنود الْجُوع، وتوعدت بِالرُّجُوعِ، فسلبت أَهلهَا لتوقع [الهجوم]، منزور الهجوع، فأعلامها خاشعة خاضعة، وولدانها لثدي الْبُؤْس راضعة، وَالله يوفد بِخَبَر فتحهَا الْقَرِيب ركاب البشري، وينشر رَحمته قبلنَا نشرا. وَلِهَذَا الْعَهْد، يَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْك، وَبلغ وسيلتي إِلَيْك بلغ [عز]، هَذَا الْقطر المرتدي بجاهك، الَّذِي لَا يذل من ادرعه، وَلَا يضل من اهْتَدَى بالسبيل الَّذِي شَرعه، إِلَى أَن لاطفنا ملك الرّوم، بأَرْبعَة من الْبِلَاد، كَانَ الْكفْر قد اغتصبها، وَرفع التماثيل ببيوت الله ونصبها، فانجاب عَنْهَا [بنورك] الحلك، وَدَار بإدالتها إِلَى دعوتك الْفلك، وَعَاد إِلَى مكاتبها الْقُرْآن، الَّذِي نزل بِهِ على قَلْبك الْملك، فَوَجَبت مطالعة مقرك النَّبَوِيّ بأحوال هَذِه الْأمة المكفولة فِي حجرك، المفضلة بإدارة تجرك، المهتدية بأنوار فجرك، وَهل هُوَ إِلَّا ثَمَرَات سعيك، ونتائج رعيك، وبركة حبك ورضاك، الْكَفِيل بِرِضا رَبك، وغمام رعدك، وإنجاز وَعدك، وشعاع من نور سعدك، وبر رعي رعيه من بعْدك، وَنصر رَايَتك، وَأثر حمايتك ورعايتك. واستنبت هَذِه الرسَالَة، مانحة بَحر الندى الْمَمْنُوع، ومفاتحته بإبداء الْهدى بِفَتْح الْفتُوح، وقارعة الْمظَاهر والصروح، وباقية الرحل، بمتنزل المليكة وَالروح، لتمد إِلَى
1 / 78