الدبا، وَبنت الوهاد والربا، فأقحموهم من وَرَاء السُّور، وأسرعت أَقْلَام الرماح فِي بسط عَددهمْ المكسور، وَتركت صرعاهم ولائم للنسور، ثمَّ اقتحموا ربض الْمَدِينَة الْأَعْظَم، ففرعوه، وجدلوا من دَافع عَن أسواره وصرعوه، وأكواس الحتوف جرعوه. وَلم يتَّصل أولى النَّاس بأخراهم، وكمل، بمخيم النَّصْر الْعَزِيز سراهم، حَتَّى خذل الْكفَّار الصَّبْر، وَأسلم الْجلد، وَنزل على الْمُؤمنِينَ النَّصْر، فَدخل الْبَلَد، وطاح فِي السَّيْل (الجارف]، الْوَالِد وَالْولد والتهم الْمطرف والمتلد، فَكَانَ هولا بعيد الشناعة، وبعثا كقيام السَّاعَة، أعجل المجانيق عَن الرُّكُوع وَالسُّجُود، والسلالم عَن مطاولة النجُود، وَالْأَيْدِي عَن ردم الْخَنَادِق والأغوار، والأكبش عَن مناطحة الأسوار، والنفوط عَن إصعاق الْكفَّار وَعمد الْحَدِيد، ومعاوز الباس الشَّديد، عَن نقب الأبراج، وَنقض الْأَحْجَار، فهيلت الكثبان، وأبيد الشيب والشبان، وَكسرت الصلبان، وفجع بِهَذَا الكنايس والرهبان، وأهبطت النواقيس من مراقيها الْعَالِيَة، وصروحها المتعالية وخلعت ألسنتها الكاذبة، وَنقل مَا استطاعته الْأَيْدِي المتجاذبة وعجزت عَن الأسلاب ذَوَات الظُّهُور، وجلل الْإِسْلَام شعار الْغَزْو والظهور، بِمَا خلت عَن مثله سوالف الأعوام والشهور، وأعرست الشُّهَدَاء من النُّفُوس الْمَبِيعَة، [من الله]، نحل الصَّدقَات الصادقة والمهور. وَمن بعد ذَلِك هدم السُّور، ومحيت من مختطه الْمُحكم السطور، وَكَاد يسير ذَلِك الْجَبَل، الَّذِي اقتعدته الْمَدِينَة، ويدك ذَلِك الطّور. وَمن بعْدهَا خرب الوجار، وعقرت الْأَشْجَار، وعقر الْمنَار، وسلطت
1 / 75