مَا ساعد عَلَيْهِ الْقدر، والحظ المبتدر، والورد الَّذِي حسن مِنْهُ الصَّدْر، أننا عاجلنا مَدِينَة برغة، وَقد جدعت الْأُخْتَيْنِ، مالقة ورندة، من مداين دينك، وخزاين ميادينك أكواس الْفِرَاق، وأذكرت مثل من بالعراق، وسدت طرق التزاور على الطراق، وأسالت المسيل بالنجيع المراق، فِي مراصد المُرَاد والمذاق، ومنعت المراسلة مَعَ هدى الْحمام، لَا بل مَعَ طيف الْمَنَام، عِنْد الإلهام، فيسر الله اقتحامها، وألحمت بيض الشفار، فِي رُؤُوس الْكفَّار ألحامها، وأزالت بشر السيوف من بَين تِلْكَ الْحُرُوف أقحامها، فَانْطَلق المسرى، واستبشرت الْقَوَاعِد الحسرى، وعدمت طريقها المخيف مصَارِع الصرعى [ومثاقب الأسرى]، وَالْحَمْد لله على فَتحه الْأَسْنَى ومنحه الأسرى، وَلَا إِلَه إِلَّا الله، هُوَ منفل قَيْصر وكسرى، وفاتح مغلقاتها المنيعة قسرا، وَاسْتولى الْإِسْلَام مِنْهَا على قَرَار جنَّات، وَأم بَنَات، وقاعدت حصون، وشجرة غصون، طهرت مساجدها المغتصبة المكرمة، وفجع فِيهَا الْفِيل إِلَّا فيل أَبْرَهَة، وَانْطَلَقت بِذكر الله أَلْسِنَة المذرهة، وفاز بسبق ميدانها جياده الفرهة، هَذَا وطاغية الرّوم، على توفر جموعه، وهول مرئيه ومسموعه، قريب جواره، بِحَيْثُ يتَّصل خواره [وَقد عَرك إِلَيْهَا الْحِين حواره] ثمَّ نَازل الْمُسلمُونَ، بعْدهَا شجا الْإِسْلَام الَّذِي أعيا النطاسي علاجه، وكر هَذَا الْقطر الَّذِي لَا يطاول أَعْلَامه، وَلَا يصاول أعلاجه، وركاب الغارات
1 / 71