وقد ورد بمعنى نفس الثواب ، فقال تعالى : ( والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم ، سيهديهم ويصلح بالهم ) (1)، والمراد به الثواب ، لأنه بعد القتل لا يجوز أن يراد به الإيمان ، ولا نصب الأدلة ، وقال تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار ) (2) فبين أن المراد بالهدى هو الثواب الذى وصفه آخرا.
وقد يراد بالهدى أن يسلك به طريق الجنة والمنفعة ، وهو الذى « أراده تعالى (3) بقوله : ( اهدنا الصراط المستقيم ) (4) على أحد التأويلين ، لأن « المراد به : اسلك بنا (5) طريق الجنة. وقد ذكر تعالى ذلك فى طريق الجحيم على جهة التشبيه ، فقال : ( فاهدوهم إلى صراط الجحيم ) (6). وقال عز وجل فى وصف الكفار : ( إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم ) (7) والمراد بذلك الهدى بمعنى الأخذ بهم فى طريق دون غيره ، فبين أنهم مع كفرهم وظلمهم لا (8) يأخذ بهم فى طريق الجنة ، ثم بين أنه يسلك بهم طريق الجحيم.
فإن قال : فقد قال تعالى : ( عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) (9) وهذا لا يمكن أن يحمل على ما ذكرتم : لأنه تعالى قد بين ودل ، فلا يصح أن يقول نبى من أنبيائه : ( عسى ربي أن يهديني ) وقد تقدم من الله الدلالة والبيان على سواء السبيل!
Shafi 63