قيل له : المراد بذلك الدلالة ، لكنه أراد به أن يبين له بألطافه الطريق الذى قصده وتوجه إليه ، فأما الدلالة على الدين فقد فعلها عز وجل له ولغيره.
وأما قوله : ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) (1) فالمراد به غير الدلالة والبيان ، لأنه قد دلهم وبين لهم. والمراد به الثواب أو زيادة الهدى ، على ما بينا.
وقوله عز وجل : ( إنك لا تهدي من أحببت ) (2) كمثل ، فى أن المراد به الثواب وما شاكله ، ولو أريد به البيان لما صح أن يقول فيه : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) (3) ويقول فيه ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) (4) ويقول : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ) (5).
فأما تعلقهم بقوله تعالى : ( وزدناهم هدى ) (6) على أن الهدى هو الإيمان ، فإنما كان يتم لهم لو شهدت به « اللغة العربية ولم (7) يحتمل الكلام سواه ، وقد بينا أن المراد به أنه زادهم لما آمنوا واتقوا ألطافا وأدلة بعثهم بها على التمسك بالإيمان ، وعلى هذا الوجه ، قال تعالى : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) (8)، لأنه دعاه بذلك إلى الثبات على الإيمان ، كما دعاه بضيق الصدر الذى أورثه الكافر إلى مجانبة الكفر والعدول عنه.
فحصل من هذه الجملة أنه تعالى يهدى ، بمعنى (9): الدلالة والبيان وذلك عام فى كل مكلف ، لأنه كما عمهم بالتكليف فلا بد أن يعمهم بما يدل عليه ، وإلا كان تكليفا بما لا يمكن أن يفعل.
Shafi 64