من ربهم ) (1) يدل على أنه البيان ؛ لأن حمله على غيره لا يصح ، وقال تعالى : ( إنا هديناه السبيل ) (2) يعنى : الطريق. ولا يجوز أن يرد بذلك إلا الدليل. وقال تعالى : ( وهديناه النجدين ) (3). وقال فى صفة النبى صلى الله عليه وسلم : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) (4) يعنى : تبين وتدل ، وقال فيه : ( إنما أنت منذر ، ولكل قوم هاد ) (5) يعنى : مبين. وقال تعالى : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) (6) ولا يجوز أن يقال : إنهم يفعلون الإيمان ، فالمراد به الدلالة والبيان. وكذلك قوله عز وجل : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) (7). وقوله : ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) (8). وقوله : ( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد ) (9) . وقوله : ( مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق ) (10). وقوله : ( وبالنجم هم يهتدون ) (11)... إلى غير ذلك مما يكثر ذكره. كل ذلك مما يدل على أن الهدى يراد به الدلالة والبيان.
وقد ذكر عز وجل الهدى بمعنى زيادة الهدى ، فقال : ( ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ) (12) وقال : ( وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم ) (13) وقال : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) (14) والمراد بذلك أجمع : ما يفعله الله تعالى من الألطاف والتأييد ، والخواطر ، والدواعى. وإنما يوصف (15) ذلك بأنه هدى لأنه يحل محل الأدلة « فى أنه (16) كالطريق لفعل الطاعة والباعث عليه.
Shafi 62