اعلم أن الهدى بمعنى الدلالة كثير فى الكتاب ، قال الله تعالى فى وصف القرآن : ( هدى للناس ) (1) ( وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) (2) ولا يجوز أن يراد بذلك إلا كونه دلالة وبيانا. وقال تعالى : ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ) (3) ولو كان المراد بذلك أنه جعلهم مؤمنين ، لما صح أن يقول : ( فاستحبوا العمى على الهدى ) (4) وقوله تعالى : ( أولئك على هدى
ورمى ابن حزم القائلين بمثل هذه التفسيرات بالجهالة ، فقال : (وقال بعض من يتعسف القول بلا علم إن قول الله عز وجل : ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى )، وقوله تعالى : ( إنا هديناه السبيل ) وقوله تعالى : ( وهديناه النجدين ) إنما أراد تعالى بكل ذلك المؤمنين خاصة) ثم قال : (وهذا باطل من وجهين : أحدهما تخصيص الآيات بلا برهان ، والثانى : أن نص الآيات يمنع من التخصيص ولا بد .. الخ).
وفى رأى أبى محمد رحمه الله أن الهدى فى اللغة العربية من الأسماء المشتركة. وأنه يكون بمعنى : الدلالة ، ويكون كذلك بمعنى التوفيق والعون على الخير والتيسير له ، وخلقه تعالى لقبول الخير فى النفوس. وعنده أن الأول قد أعطاه الله للكافر والمؤمن ، وخص بالثانى جماعة المؤمنين وحدهم.
ولعل المعتزلة على كل حال أن يحملوا ما يدل بظاهره على المعنى الثانى ، على اللطف والدواعي والثواب ونحو ذلك.
انظر : الابانة : 60 61. والملل والنحل : 3 / 43 46.
Shafi 61