على قلبه ، وربما تجاوزوا ذلك إلى أن قالوا : إنه ميت لا يعقل ولا يفهم ، وقد قال تعالى : ( إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء ) (1) فى هذا المعنى ، وقد قال الشاعر :
لقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادى (2)
وربما شبهوه (3) بالحمار والبهيمة ، لذهابه عن فهم ما أورد عليه. وكل ذلك يبين صحة ما قلناه.
ثم يقال للقوم : إنه تعالى وصفهم بذلك على طريقة الذم ، ولو كان ذلك حقيقة ، لما صح أن يذمهم ، وقد قال عز وجل : ( فهم لا يرجعون ) [18] فنسب ترك الرجوع إليهم ، وذلك لا يصح لو كان قد منعهم.
** 22 مسألة :
بأنه يضل الضال ويهدى المهتدى ، وفى ذلك دلالة على أن الهدى والضلال جميعا من فعله. ولا يصح أن تتأولوا ذلك على الهدى بمعنى البيان ، والضلال (4) بمعنى الذهاب عن الطريق ، لأنه عز وجل ذكر ذلك (5) عقيب قوله : ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) إلى أن قال : ( يضل به كثيرا ) (6) يعنى بما تقدم من ضرب المثل ، ( ويهدي به ). وفى ذلك دلالة على أن (7) المراد به الكفر والإيمان بالمثل. ولو كان المراد بالهدى البيان لما قال أيضا : ويهدى به كثيرا ؛ لأن الدلالة فى المكلفين عامة!
والجواب عن ذلك لا يكاد يتضح إلا بذكر جملة من الكلام فى الهدى
Shafi 59