وقد قيل : إنه عز وجل لما خلى بينهم وبين العمه ، عند تبقيتهم جاز أن يقال : ( ويمدهم في طغيانهم يعمهون )، من حيث كان قادرا على أن يمنعهم ، فخلاهم فى ذلك.
وقد قيل : إنه وصفهم بذلك على العاقبة ، فكأنه (1) قال : يمدهم (2) ومعلوم من حالهم أنهم فى طغيانهم يعمهون.
وقوله تعالى : ( وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) وهو من تمام ما ضرب به من المثل (3)، أراد (4) بذلك أنه لا يستنقذهم من الظلمة ، فأجرى وصف الترك (5) عليه ، والترك فى الحقيقة إنما يجوز على (6) من يكف بفعل على فعل. وذلك يقتضى أن يكون الفعل يحله ويوجد فى أبعاضه ، والله يتعالى عن ذلك!.
** 21 مسألة :
وذلك يدل على أنهم ممنوعون من الإيمان ، وإلا لم يكن لذلك معنى!
والجواب عن ذلك : أن ظاهره يقتضى أن المنافقين كانوا بهذه الصفات أو الكفار ، ومعلوم من حالهم أنهم كانوا بخلافه ، ولا شيء أدل على فساد المتعلق بالظاهر من أن يعلم بالعيان خلافه ؛ لأن ذلك يوجب ضرورة صرفه إلى خلاف ظاهره.
والمراد بذلك : أنهم لما لم ينتفعوا بهذه الحواس والآلات فيما خلقت له ، وأنعم عليهم بها لأجله ، صاروا كأنهم « قد سلبوها (8)، وهذا يكثر فى اللغة أن يقول (9) الواحد وقد بين لغيره الشيء وبالغ فيه : إنه أصم أعمى ، وقد طبع
Shafi 58