كما يدعو بعضكم بعضا بأسمائكم، ويحتمل أن يريد به أنكم إذا حضرتم في مجلسه فلا يكن حضوركم كحضوركم في مجالسكم، أي لا تفارقوا مجلسه إلا بإذنه، والزموا معه الأدب. قال: والحمل على هذا المحمل أولى١ لأن قبل هذه ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ ٢.
أقول: هذه قرينة متقدمة لعمري، ولكن في الآية قرينة أخرى متأخرة تقتضي حمله على محمل آخر هذا وغير المحمل الأول، ولعله الأصح، وهو أن يراد بالدعاء الأمر، يقال دعا فلان قومه إلى كذا أي أمرهم به وندبهم إليه، قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ ٣ أي ندبكم. وقال سبحانه: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُم﴾ ٤ أي أمرتهم وندبتهم. والقرينة المتأخرة قوله: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَة﴾ ٥ فلم كان حمل الآية على ما ذكره لأجل القرينة المتقدمة أولى من حمله على هذا المحمل لأجل القرينة المتأخرة؟
٣٨- قال المصنف في حد الحقيقة: هي اللفظ الدال على موضوعه الأصلي، والمجاز ما أريد به غير المعنى الموضوع له في أصل اللغة. وهو مأخوذ من جاز من هذا الموضع إلى هذا الموضع إذا تخطاه إليه، فالمجاز إذن اسم للمكان الذي يجاز فيه، كالمعاج والمزار وأشباههما.
_________
١ المثل السائر ١/ ٩٤.
٢ سورة النور: ٦٢.
٣ سورة الأنفال: ٢٤.
٤ سورة نوح: ٧.
٥ سورة النور: ٦٣.
4 / 79