الجلد والفرج أو معناهما مناسبة لا تحصل بين السمع والفرج ولا بين البصر والفرج، ونحن لا نجد فرقا بين هذه الأجزاء الثلاثة، وكل واحد منها بعيد عن الفرج لا مناسبة بينه وبينه، اللهم إلا أن يكون لأجل أن الجلد جزء من أجزاء ماهية الفرج، فعبر عن الكل بالبعض، وهذا بعيد جدا.
فأما استدلاله له ثانيا، وإبطاله أن يراد بالجلود هذه الجلود الحقيقية، لأنها ليست هي الفاعلة، بخلاف الأعضاء كاليد والرجل، فينبغي أن يجاب عنه بالضحك من عاقل يتوهم أن اليد هي التي فعلت الشيء، وأن اللسان هو الذي فعل النطق، وهذا وهم عامي لا يعتقده محصل، فإنما إبطاله أن تكون الجلود هي جملة الأعضاء والجوارح بقوله إنه قد ذكر السمع والبصر فلا يكون لإفرادهما بالذكر فائدة، فجوابه ما سأل عنه نفسه، وهو أن المراد بذلك ما أراد من قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ .
وقوله هذا لا يجوز، لأن العصيان بالسمع والبصر أخف، فيقال له بل هو هذا الترتيب، والصحيح في نظم الكلام، ولا كما توهمته، مثال ذلك يقال دخلت قرية كذا فوثب على الولدان والنساء وكل من فيها. يود الولدان والنساء ويخصهم بالذكر، لأنه ليس من شأنهم أن يثبوا بالرجال ويقبلوا عليهم، وأنت إنما تريد أنه وثب عليك الضعيف والقوى، فكذلك الآية تقديرها شهد عليهم من الجوارح ما المعصية به صغيرة، والمعصية به كبيرة.
ثم يقال له أسلمنا أنه ليس المراد كل الجوارح بل بعضها فلم قلت إن ذلك البعض هو الفرج؟
وقوله: "لأن سائر الأعضاء قد ذكر في القرآن أنها تشهد إلا الفرج
4 / 75