مما يوضع الدواء على داء عارض في الأعضاء الظاهرة وسطح البشرة، وبالجملة فهو تفسير ركيك لا يستحسن حمل كلام ذلك الحكيم الفاضل عليه.
٣١- قال المصنف: ومما ينخرط في هذا السلك قول أبي صخر الهذلي:
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر١
قال: وهذا يحتمل وجهين من التأويل: أحدهما أنه أراد بسعي الدهر سرعة تقضي الأوقات مدة الوصال، فلما انقضى الوصل عاد الدهر إلى حالته الأولى في السكون والبطء، والآخر أنه أراد بسعي الدهر سعي أهل الدهر بالتمائم والوشايات، فلما انقضى ما كان بينهما من الوصل سكنوا وتركوا السعاية٢.
أقول: التفسير الثاني هو الصحيح، والأول غير صحيح، واللفظ لا يحتمله، وفي البيت ما يمنع منه، بيان ذلك أنه قال: "بيني وبينها" وهذه اللفظة تمنع من أن يريد سرعة تقضي الزمان أيام وصالنا. فإنها قرينة تحمل لفظة السعي على السعاية والنميمة بالشر لا على السعي بمعنى الحركة والسير، ألا تراهم يقولون سعى فلان بين فلان وفلان بالشر، أي ضرب بينهم، وحمل بعضهم على بعض، ولا يقولون سعى بينهم من السعي بمعنى الحركة والسير، إلا أن يراد أنه كان يتحرك ويسير بين قوم مفترقين في أماكن شتى، وليس
_________
١ البيت من قصيدة لأبي صخر الهذلي وليست لأبي كبير الهذلي كما في الأصل وهو عبد الله بن سلم السهمي الهذلي شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية" مطلعها:
أما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
شرح الحماسة المرزوقي ٣/ ١٢٣١ والأمالي ١/ ١٤٨".
٢ المثل السائر ١/ ٨٤.
4 / 70