قبله أيضا؛ لأنها دالة على إنضاج الجدي بلبن أمه، أو تحريم أكله بلبن أمه، وليس منها ما يدل بالمطابقة ولا بالتضمن ولا بالالتزام على تحريم أكل الجدي بغير لبن الأم، واليهود لا تحرم أكل اللحم باللبن بمجرد هذه الآية، بل بنصوص أخرى نقلها فقهاؤهم عن نبيهم، فإدخال هذه الآية في باب الألفاظ المترددة في المعاني المختلفة لا وجه له.
٣٠- قال المصنف: ومما يجري على هذا النهج ما حُكي عن أفلاطون١ أنه قال: ترك الدواء دواء. فذهب بعض الأطباء إلى أنه أراد أنه إذا لطف المزاج وانتهى إلى غاية فهو دواء، فتركه حينئذ والإضراب عنه دواء.
وذهب آخرون إلى أنه أراد بالترك الوضع، أي ترك وضع الدواء على الدواء دواء، يشير بذلك إلى حذق الطبيب في وقت علاجه٢.
أقول إن مراد الحكيم ليس واحدا من هذين التفسيرين، ومراده ظاهر، كقول العامة دائما وهو أن ترك التداوي حيث لا حاجة إليه هو التداوي بعينه. وقد شرح ذلك جالينوس٣، فقال: الحمية في الصحة كالتخليط في المرض. فأما التفسيران المذكوران فباردان جدا، وخصوصا الثاني منهما، فإنه بعيد أن يحمل الكلام عليه. وليست الأدواء كلها
_________
١ أفلاطون من أكبر فلاسفة اليونان ولد نحو سنة ٤٢٨ قبل الميلاد، وله الفضل في جمع الآراء الفلسفية المتناثرة واستنباط فلسفة خاصة به، وقد خلف كتبا كثيرة في الفلسفة صاغها في أسلوب حوار، متأثرا في ذلك بأستاذه سقراط، واتخذ سقراط بطلا لكثير من المناقشات وهو في فلسفته أديب فنان.
٢ المثل السائر ١/ ٨٣.
٣ جالينوس طبيب يوناني قبل الميلاد يعتبر من أساطين الطب في عصره، ونقل العرب كثيرا من آرائه في كتبهم الطبية وقد توفي بعد بعثة المسيح.
4 / 69