أقول إن اللفظ الذي يحمل على المعنى وغيره في هذه الحكاية هو ألفاظ خالد علام أنت؟ يحتمل أن يريد به على أي حال أنت، أوعلى أي دين، أو على أي عزم، ويحتمل أن يريد به على أي مكان أنت، وكذا بقية الألفاظ، فعبد المسيح ترك ما علم أنه غرض خالد، وعدل إلى المحمل الآخر الذي يعلم أنه ليس بغرضه، فقول المصنف "هذا من توجيه الكلام على نمط حسن وهو يصلح أن يكون جوابا لخالد" هو إشارة بغير شك إلى أن ألفاظ عبد المسيح ليست موجهة، بل الموجه ألفاظ خالد، لأنها هي المحتملة الأمرين، فقد بان أن قول المصنف أن ألفاظ عبد المسيح موجهة ليس بصحيح، وأيضا فقوله: "هو يصلح أن يكون جوابا لخالد عما سأل، ويصلح أن يكون جوابا لغيره" غير صحيح أيضا؛ لأن هذه الأجوبة لا تصلح أن تكون أجوبة لخالد؛ لأن خالدا سأل عن أمر، فأجاب عبد المسيح عن غيره، فالذي قال عبد المسيح لا يصلح أن يكون جوابا لخالد عما سأله عنه، بخلاف ما قاله هذا الرجل.
٢٩- قال المصنف: وقد ورد في التوراة: لا تأكل الجدي بلبن أمه. وهذا التحريم يحتمل وجهين: أحدهما ما دل عليه ظاهر اللفظ، وهو تحريم أكل الجدي بلبن أمه خاصة، فإذا أكل بلبن غير "لبن" أمه جاز ولم يكن حراما، واليهود لا تقول بذلك. والآخر أن كل شيء من اللحوم بكل شيء من اللبن حرام، وهو قول كافة اليهود. الثاني الذي في التوراة لا تنضج الجدي بلبن أمه، أي لا تأكل١.
وهذه سواء كانت لا تنضج أو لا تأكل خارجة عن هذا القسم الذي
_________
١ المثل السائر ١/ ٨٣ بتصرف.
4 / 68