فقال أنا من علي وعثمان بريء. فهذا يدل على معنيين: أحدهما أنه برئ من عثمان وحده، والآخر أنه برئ منهما معا، ولكن الرجل لم يرد "إلا" الوجه "الأول"١.
والرواية أنا من علي، ومن عثمان برئ بإثبات من الثانية، وهو الصحيح، لأنها لو حذفت لعطف بالواو على عاملين، وهو غير جائز، بل التقدير أنا من أصحابه، وأنا من عثمان برئ، ولم أجد لفظة من في النسخة التي وقفت عليها بهذا الكتاب، ولعل الناسخ قد أوهم.
وأيضا فإن هذه الحكاية بأن تلحق بالقسم الأول أولى، لأنه قد استخرج منها معنيان متضادان: أحدهما البراءة من عثمان والاتباع له، والثاني البراءة من علي وعثمان، ولا أرى أن أحد هذين القسمين مناف للآخر، فهو بالقسم الأول أشبه.
٢٨- قال المصنف: ومن هذا ما يحكى أن عبد المسيح بن بقيلة دخل على خالد بن الوليد بالحيرة، فقال له خالد: من أين أقصي أثرك؟ قال من ظهر أبي. قال: من أين خرجت؟ قال: من بطن آمي. قال: علام أنت؟ قال. على الأرض. قال فيم أتيت؟ قال: في ثيابي. قال: ابن كم أنت؟ قال: ابن رجل واحد. قال: وهذا من توجيه الكلام على نمط حسن، وهو يصلح أن يكون جوابا لخالد عما سأل، ويصلح أن يكون جوابا لغيره مما ذكره عبد المسيح٢.
_________
١ ما بين قوسين تكملة من ابن الأثير ١/ ٨٢.
٢ المثل السائر ١/ ٨٢.
4 / 67