بإسحاق نبيًّا بشرى النبوة، ويكون هو صاحب القصة لا غير١.
أقول هذا القسم بأن يجعل في جملة القسم الأول وهو ما يدل على الشيء وضده أليق؛ لأن هذه الآية تجاذ بها حتما؛ لأنه يستحيل الجمع بينهما؛ لأن الناس مجمعون على أن أحدهما هو الذبيح لا كلاهما، فكل واحد من القولين يناقض الآخر ويضاده، فتكون الآية من باب ما يمكن استخراج أمرين متنافيين منه، فلا وجه لإدخالها في هذا القسم، ولا هي من صوره إن صح أن هذين الاحتمالين يتجاذبانها على السواء.
والصحيح أن حملها على أن الذبيح هو إسماعيل أرجح وأظهر من حملها على أنه إسحاق، لأن الظاهر يقتضي البشارة بمولد إسحاق لا بنبوته؛ لأنه إذا قيل قد بشر عمران بموسى تبادرت الأفهام إلى البشارة بمولده، ولأنه عطف على قوله: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ، فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ﴾ ثم قال: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ﴾ فهذه البشارة هي مثل تلك البشارة الثانية وكلاهما بالولد، ولأنه لو كان صاحب القصة هو إسحاق والمراد بالبشارة٢ البشارة بنبوته لقال وبشرناه به نبيا من الصالحين؛ لأن قبله ضمائر كثيرة ترجع إليه، فلو كان هو المراد لأتى بالضمير كالضمائر المتقدمة.
٢٧- قال المصنف: ومن هذا القسم أيضا ما يحكى أن الحرورية ظفرت برجل فقالت له: ابدأ من علي وعثمان.
_________
١ عبارة ابن الأثير: قوله تعالى: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قد يكون بشارة بنبوته بعد البشارة بميلاده، وقد يكون استئنافا بذكره بعد ذكر إسماعيل وذبحه. والتأويل متجاذب بين هذين الأمرين. ولا دليل على الاختصاص بأحدهما. ولم يرد في القرآن ما يدل على أن الذبيح إسماعيل ولا إسحاق، وكذلك لم يرد في الأخبار التي صحت عن رسول الله ﷺ ... ١/ ٨٠.
٢ ما بين قوسين تكملة تتم المعنى ملحقة بهامش النسخة الأصلية.
4 / 66