جملتها ما فعله الخادم في الدولة المصرية، وقد قام بها منبر وسرير، وقالت منا أمير ومنكم أمير، فرد الدعوة العباسية إلى معادها، وأذكر المنابر ما نسبته بها من زهو أعوادها، ولم يعدها إلى وطنها حتى تغربت لها الأرواح عن أوطانها، وسهرت لها أجفان السيوف سهر العيون عن أجفانها".
قال فانظر إلى كيف أتيت فيه بكلام الحباب بن المنذر الأنصاري١ حيث قال يوم السقيفة للمهاجرين: منا أمير ومنكم أمير والقصة مشهورة فقال أبو بكر: بل نحن الأمراء وأنتم الوزراء قال: وهذا نكتة هذا الفتح التي عليها المعول، ومركزه الذي عليه يدور.
وعجيب من عبد الرحيم بن علي البيساني مع تقدمه في فن الكتابة كيف فاته أن يأتي به في كتابه٢.
أقول إن القاضي الجليل الفاضل النبيل أبا علي عبد الرحيم كان موقفا حيث لم يذكر ما ذكره هذا الرجل وأعجب به، وذلك أن الحباب بن المنذر والأنصار راموا أن يكون منهم أمير ومن المهاجرين أمير، وملوك الدولة
_________
١ هو الحباب بن المنذر بن الجموح بن زيد السلمي، يكنى أبا عمرو، شهد بدرا وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.
كان يقال له ذو الرأي، وهو الذي أشار على رسول الله ﷺ أن ينزل على ماء بدر للقاء القوم.
وشهد أحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله وهو القائل يوم السقيفة: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير.
مات في خلافة عمر ﵁. الاستيعاب ١/ ٣١٦.
جذيلها المحكك: الجذل عود ينصب للجربي لتحتك به، ومنه: أنا جذيلها المحكك وهو تصغير تعظيم، يريد أنه حكيم محنك يشتفي الناس برأيه كما تشتفي الإبل الجربى باحتكاكها بهذا العود. عذيقها المرجب: العذيق النخلة يكثر حملها فيجعل تحتها دعامة تسمى الرجبة، أو المراد أنه نافع كريم كهذه النخلة التي يكثر حملها.
٢ ملخص من المثل السائر ١/ ٦٦.
4 / 54