فالقدر الأول عن وقوع الاشتراك في اللغة مطرد فيما ظن هذا المصنف أنه لا يمكن اطراده فيه حذو النعل بالنعل.
٢٠- قال المصنف: "وحد المثل هو القول الوجيز المرسل ليعمل عليه"١.
هذا باطل بقوله تعالى: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاة﴾ ٢ فإنه قول وجيز أرسل ليعمل عليه، وليس بمثل، وأيضا فإن أراد بقوله ليعمل عليه أي ليعمل بموجب ما فيه من الاقتضاء والطلب، فهذا باطل بأكثر الأمثال، نحو قولهم: هو أفعل من كذا.
وإن أراد بقوله ليعمل عليه أن يستعمل في الموضع اللائق، فكل بيت شعر من أشعار الجاهلية والمحدثين قول وجيز مرسل يستعمل في موضع يليق به، وذلك يقتضي أن يكون الشعر كله أمثالا، ولم يقل بذلك قائل.
والصحيح أن يقال المثل يطلق على نوعين: أحدهما ما قصد به المبالغة بلفظه أفعل، كقولهم: أشغل من ذات النحيين٣، والثاني كل كلام وجيز منثور أو منظوم قيل وفي واقعة مخصوصه تضمن معنى وحكمة، وقد تهيأ بتضمنه ذلك لأن يستشهد به في نظائر تلك الواقعة.
٢١- قال المصنف: وقد كتبت كتابا لمن اقترحه عليَّ أذكر فيه فتح مصر معارضا لكتاب كتبه عبد الرحيم بن علي البيساني في المعنى فقلت فيه. "ومن
_________
١ المثل السائر ١/ ٦٢.
٢ تكرر هذا الأمر في سورة البقرة ٤٣، ٨٣، ١١٠ وفي سور أخرى.
٣ كانت امرأة من بني تيم الله بن ثعلبة تبيع السمن في الجاهلية، فأتاها خوات بن جبير الأنصاري يبتاع منها سمنا، فلم ير أحدا عندها، وساومها، فحلب نحيا -وعاء لبن- فنظر إليه، ثم قال: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره، فلما حلب آخر قال أريد غير هذا فأمسكيه، فلما شغل يديها ساورها فلم تقدر على دفعه، حتى قضى ما أراد وهرب "مجمع الأمثال للميداني ١/ ٢٥٥":
4 / 53