تُوعَدُونَ﴾ ١ ولم يقل أحد إن لفظة يوم مشتركة، وأنها في هذا الموضع بمعنى القيامة وفي غيره بمعنى هذا الزمان المخصوص، وعلى هذا يكون معنى قوله تقوم الساعة أن تحضر الساعة التي وعدوا بالمجازاة فيها، فلا تكون اللفظة مشتركة كما زعمه هذا المصنف، أو يكون مجازا في القيامة حقيقة في الوقت المخصوص، فلا يتم أيضا ما يريده من الاشتراك.
ويؤكد بطلان الاشتراك أن العرب لم تكن تعرف القيامة فيضعوا لها لفظة الساعة، كما وضعوا لفظة الفرس لهذا الحيوان المخصوص، اللهم إلا أن يقال إنها حقيقة شرعية، فيكون ذلك تسليما لما يقوله المعترض؛ لأن الحقيقة الشرعية مجاز حقيقي في أصل الوضع.
١٩- قال المصنف: وقد تعسف قوم وأجابوا عن شبهة الاشتراك في اللغة فقالوا: الأسماء المشتركة إنما وضعتها قبائل مختلفة لا واضع واحد. قال: وهذا باطل؛ لأنه قد ورد الجموع ما يقع على مسميين مختلفين مثل كعاب جمع كعب وجمع الكعبة لهذه البنية المخصوصة، وقد ورد لفظ لمفرد وجمع لغيره على وزنه، مثل الراح اسم الخمر، وجمع راحة وهي راحة الكف، ومثل عقاب للعقوبة وجمع عقبة، ونظائر هذا كثيرة٢.
أقول لصاحب هذا الجواب أن يقول إن هذه الجموع أيضا وضعتها قبائل مختلفون، فوضع بنو تميم مثل الكعاب جمع كعبة، وكذلك ما جاء مثل الراح المفرد بمسمى والراح الجمع لمسمى آخر يجوز أن يكون ورد عن قبيلتين كل واحدة منهما وضعت اللفظة بمسمى غير ما وضعته القبيلة الأخرى له،
_________
١ سورة الأنبياء: ١٠٣ ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ .
٢ المثل السائر ١/ ٥٩.
4 / 52