فذهلية منسوبة إلى ذهل اسم رجل، وذاهل فاعل ذهل عن الأمر يذهل. ويطل الطلول كذلك؛ لأن يطل مضارع أطل دمه أي أهدره، والطلول جمع طلل وهو ما شخص من آثار الديار. وكذلك الربيع وهو العشب والربوع جمع ربع وهو المنزل، فهذه كلها تتضمن التجنيس، وليست من المشتركات؛ لأنها ليست متماثلتين دالتين على مسميين مختلفين، كلفظة العين.
وأكثر التجنيس في الشعر والرسائل مثل هذا، ولا يستعمل فيه التجنيس بالمشترك إلا في النادر أيضا، فلو كان كل تجنيس في الذهن بالمشترك فقط لم يكن ذلك من المقصودات الأصلية التي تقتضي وضع المشترك مع ما فيه من تردد فهم السامع وعدم معرفته، فإن محذور ذلك أعظم من تزويق اللفظ بالمشتركات، خصوصا ويمكن استدراك غير اللفظ بغير التجنيس، كالمطابقة والمقابلة وغيرهما من أنواع البديع.
والعجب من قول هذا الرجل إن عدم التجنيس يذهب حسن الكلام، وقوله إن واضع اللغة نظر إلى ما تحتاج إليه الفصاحة والبلاغة، فوجد من مهمات ذلك التجنيس الذي لا يقوم إلا بالأسماء المشتركة، وهو يرى القرآن عاريا عن التجنيس، وهو أحسن الكلام وأفصحه وأبلغه، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيث﴾ ١.
وليت شعري كيف تحتاج البلاغة إلى التجنيس؟ أتراه يعلم ما البلاغة؟
_________
١ الله أنزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله.
سورة الزمر: ٢٣.
4 / 50