في ذلك بهذا السيد الشريف، الذي عظمت مجادته، وكرمت مناسبه، وزكت مآثره، وعلت مناصبه؛ والأعمال بالنيات، والله يبلغنا في الدارين غاية الأمنيات.
وبعد أنَّ بلغت سبته ما ذكرناه من أحوالها، وبقيت مدة آمنة من شرور الدنيا وأهوالها، وأطلعت في سمائها نجومها، كانت علومها للمردة وجومها؛ كعياض المؤلف فيه هذا الكتاب، وهؤلاء الشرفاء الذين لا يمترى في فضلهم ولا يرتاب، وبنى العز في المشاهير الذين برزوا في ميدان السبق على الخاصة والجماهير؛ وحازوا رياسة الدين والدنيا، وفازوا بالمكانة السامية والمرتبة العليا؛ وغيرهم ممن لا يحصى كثره، ممن كان لهم تقديم وأثرة، عدا عليها الدهر بعدوانه، وسقط شرفها من إيوانه؛ واستولى عليها العدو الكافر، في قضية يطول شرحها، وعظم على أهل الإيمان قرحها، وأعضل أطبائها الملوك إلى الآن جرحها، ولم يزل بنفوس المؤمنين شجوها وبرحها.
أخبرني الفقيه الطيب العدل الفرضي، سيدي أبو القاسم بن محمّد الوزير الغساني ﵀: أنّه لمّا دخل سبته، حين وجهه أمير المؤمنين، مولانا المنصور، ﵀، إليها في شأن فداء الكفار المأخوذين بالغزوة الشهيرة، ذهب إلى المدرسة التي كان بناها أحد ملوك بني مرين ﵏، وأظنه أبا عنان،
1 / 45