وفضل الجود والكرم ومكارم الأخلاق، وإيصال المنفعة للعباد، أنَّ يخرج في اليوم الذي له بالمضرب من الحوت، أي نوع كان من الجاري، أضعاف ما يخرج في اليومين، ويحصل له من الفائدة أكثر مما يحصل لمتولي النظر فيهما، فيتصل بيده من فائدة يومه خمس مائة الدينار وسبع المائة، وربما يزيد، وقد انتهى في بعض الأحيان إلى ألفي دينار في اليوم، حسبما يسنيه الله ﷿؛ هذا بهد العادة التي عودها نفسه النفيسة، من الإيثار والبذل، للسرى والنذل. ولم تكن له همة، ﵀، في احتكار المال وجمعه، بل يصرف ذلك كله في إطعام الطعام، الخاص والعام، وفي تشديد البنيان، والإنفاق على الفعلة والصناع والخدام، وآثاره ومصانعه بداخل سبتة وخارجها شهادة بذلك مدى الأيام؛ وكم في أثناء هذا التصرف من مؤاساة الفقير، وإعانة الضعيف، وإغاثة الملهوف، برفع لازم أو وظيف، حسبما هو معلوم معروف منقول.
وكان ملوك بني مرين يعتنون له أتم اعتناء، ويبادرون إلى موافقة أغراضه، وقبول شفاعته، وما يتلقاه حين وروده على حضرتهم فاس إلاّ الملك بنفسه، إلى غير ذلك من مناقبه ﵁، ونفعنا به، وبسلفه الطاهر.
قلت: وإنّما ذكرت التعريف بهذا الشريف الفياض، تفاؤلا بالابتداء به بعد عياض، لأني اشترط إني أخرج من الشيء إلى ما يناسبه، فبدأت
1 / 44