وهي من أجلّ المدارس وأعظمها، فرأى في محرابها ناقوسًا وصليبًا، قال: فساءني ذلك، فرفعت بصري فإذا كتابة بخط رائق، في تلك النقوش فوق ذلك الناقوس، فيها قوله تعالى:) شهد الله أنّه لا إله إلاّ هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم إنَّ الدين عند الله الإسلام (. وكان ذلك الكتب قديمًا فيها من جملة ما كتب المسلمون بها حين بناها، على ما جرت به عادة الملوك من كتب الآيات القرآنية في النقوش بالزليج والمرمر. قال لي ﵀: فتعجبت من ذلك الاتفاق، وسلاني ذلك بعض التسلى، وإلى الله ترجع الأمور.
وكان أخذ سبتة، أعادها الله، سنة تسع وعشرون وثمان مائة. بعد ما استولى العدو الكافر على معظم بلاد الأندلس، مثل قرطبة، ومرسية، وطليطلة، وبلنسية، وغيرها، مما يطول تعداده.
وقد قال بعض الشعراء حين أخذت طليطلة، وكانت من أوّل ما اخذ من القواعد العظام، يخاطب أهل الأندلس:
يأهل أندلس شدوا رحالكم ... فما المقام بها إلاّ من الغلط
السلك ينثر من أطرافه وأرى ... سلك الجزيرة منثور من الوسط
من جاور الشر لا يأمن بوائقه ... كيف الحياة مع الحيات في سفط
1 / 46