وكانت عادة عامل المضارب، الناظر في فوائدها وما تحتاج إليه من نفقة وآلة، أنَّ يأمر رجاله وأعوانه، حين يقعد النواتية الكيس، بالوقوف إليه، والدفاع عنه، بعد أنَّ يحضر الشهود، خفرًا وضبطًا لمّا يحصل من فائدة المضرب المالي في يوميه؛ فإذا كان يوم السيد الشريف يأمر رجاله وخادمه وأعلاجه الإسلاميين، بإباحة المضرب للمساكين، وتفريق الحوت على من لا يصل إليه، ممن يحضر متنزها، إما لحفظ مروءة، وإما لغير ذلك. ولا يزال الناظر من قبله، وهو القائد فارح أحد أعلاجه، واقفًا على حصانه، وقد أحاطت به رجاله، إلى أنَّ يرضى كل من يحضر، وما فضل عن ذلك فهو له. وأما السيد الشريف فلا يحضر، إذ همته أرفع من ذلك، وقدره أعظم، ومكانته بسبته مكانته، بحيث يأتي إليه في الموضع الذي أعده لجلوسه برياضة الذي بالصفارين صبيحة كل يوم صاحب القصبة، كائنا من كان، مسلمًا عليه، ثم ينصرف، ثم يأتي الوالي على قبض الجباية مسلمًا، ثم ينصرف بعد تقبيل قدمه، ثم يأتي صاحب الشرطة، وكذا جميع أمراء سبتة، إلاّ القاضي، لمكان خطته، فيعامل كلا بما يستحق من إكرام وإهانة، وإغلاظ ومجاملة، فلا يتخلف أحد عن غرضه، ولا يصدر إلاّ عن رأيه ونظره. وهذا كله مع النصيحة للمسلمين، وجلب المنفعة لهم بالقول والفعل، وإطعام الطعام الذي لا يقدر عليه الأمير فمن دونه، ورفع المظالم، ومنح الجاه، إلى غير ذلك، نفعه الله. فكان من حكمة الله ﷿ وبركته أهل البيت،
1 / 43