دعها تجوب الفيافي والقفار إلى ... أنَّ تبلغ السؤال أو تفنى بتجوال
وكان عطاء هذا السيد الشريف المرسوم له من بيت المال، ثلاثين دينارًا من الذهب العين في رأس كل شهر، وهو خاتمة الشرفاء العظام بمدينة سبتة. ولهؤلاء الشرفاء بمدينة سبتة نحو الثلاثين قبرًا، في روضتهم المنسوبة إليهم، بالجانب الشرقي من رابطة الفصال. وهؤلاء الشرفاء من ذرية أبي الطاهر الذي خرج من جزيرة صقلية، وكانت لهم بسبتة وجاهة وسيادة، وجلالة ومجادة؛ لمكان بيتهم الشريف، ونسبهم العالي المنيف؛ ما منهم واحد إلاّ غذاه العلم بلبانه، والأدب ببيانه. وولى منهم قضاء بلدهم سبتة رجلان، لم يطلع مثلهما الملوان؛ تقى وعلمًا، وأناة وحلما؛ وأولهما القاضي أبو الشرف الرفيع، والثاني ابنه القاضي أبو الحسن علي. وكم نشأ عن هذا الأصل الطاهر من جهبذ تحرير، وعالم ماهر؛ وسخى جواد، له إلى الإعطاء ارتياح وإلى الكرم استناد؛ وناهيك بخاتمهم أبي العباس المذكور.
وكان فائدة مضرب الميناء لهذا الشريف الحسيني، دون أنَّ يشكره غيره، وكان له بضرب أويات يوم يضرب فيه، ويومان لبيت المال،
1 / 42