ندت عن قمر آهة، ولكن قاسم أشار إلى الجارية أن تستمر فقالت: كما حدث لجبل ورفاعة من قبل، لست دونهما يا سيدي. أنت سيد، حتى على عهد الرعي كنت سيدا، وكنت الوسيط الذي جمع بينكما، ألا تذكر؟ كان يجب أن أعلم قبل الآخرين، كيف تأمن الغرباء ولا تأمن جاريتك؟! سامحكما الله، لكني أدعو لك بالنصر، نعم أدعو لك بالنصر على الناظر والفتوات، من ذا الذي لا يدعو لك بذلك؟!
فصاحت قمر وهي تهدهد الطفلة بحركة عصبية: ما كان يجوز أن تتجسسي علينا، وسيظل العيب لاصقا بذقنك.
فقالت سكينة في حرارة صادقة: لم أقصد التجسس وربي شهيد، ولكن نفذ إلي من الباب كلام لم يسعني إلا متابعته، وما كان في وسع إنسان أن يغلق أذنيه دونه، إن ما يقطع قلبي يا ستي هو أنك لا تطمئنين إلي، لست خائنة، أنت آخر من أخون، ولحساب من أخونك؟ سامحك الله يا ستي.
كان قاسم يتفحصها بعناية، بعينيه وبقلبه، فلما انتهت قال بهدوء: أنت مخلصة يا سكينة، لا شك في إخلاصك.
فحدجته بنظرة مستطلعة مؤملة، وتمتمت: عشت يا سيدي، أنا والله كذلك.
فقال بصوت خفيض: أنا أعرف المخلصين، ولن تنبت الخيانة في بيتي كما نبتت في بيت أخي رفاعة. يا قمر .. هذه المرأة مخلصة مثلك فلا تسيئي إليها بالظن، هي منا كما نحن منها، ولن أنسى أنها كانت رسول السعادة إلي.
فقالت قمر بصوت نم عن بعض الارتياح: لكنها استرقت السمع!
فقال قاسم باسما: لم تسترق السمع، ولكن الصوت نفذ إليها بمشيئة المولى، كما سمع رفاعة صوت جده دون تدبير منه. مباركة أنت يا سكينة!
فخطفت الجارية يده وانهالت عليها لثما وتقبيلا وهي تقول: روحي فداؤك يا سيدي ، والله لتنتصرن على أعدائك وأعدائنا حتى تسود الحارة كلها. - ليست السيادة مطلبنا يا سكينة!
فبسطت يديها داعية: اللهم حقق مطالبه! - آمين!
Shafi da ba'a sani ba