وَقَالَ الجنيد: إِن أول مَا يحتاج إِلَيْهِ العبد من عقد الحكمة معرفة المصنوع صانعه والمحدث كَيْفَ كَانَ إحداثه، فيعرف صفة الخالق من المخلوق، وصفة القديم من المحدث، ويذل لدعوته، ويعترف بوجوب طاعته، فَإِن لَمْ يعرف مالكه لَمْ يعترف بالملك لمن استوجبه.
أخبرني مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الرازي، يَقُول: سمعت أبا الطيب المراغي، يَقُول: للعقل دلالة، وللحكمة إشارة وللمعرفة شهادة، فالعقل يدل، والحكمة تشير، والمعرفة تشهد أَن صفاء العبادات لا ينال إلا بصفاء التوحيد.
وسئل الجنيد عَنِ التوحيد فَقَالَ: إفراد الموحد بتحقيق وحدانيته بكمال أحديته أَنَّهُ الْوَاحِد الَّذِي ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ [الإخلاص: ٣] بنفي الأضداد والأنداد والأشباه بلا تشبيه، ولا تكييف، ولا تصوير، ولا تمثيل ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَي الصوفي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْن عَلِيّ التميمي الصوفي، يحكي عَنِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الدامغاني، قَالَ: سئل أَبُو بَكْر الزاهر أبادي عَنِ المعرفة فَقَالَ: المعرفة: اسم، ومعناه وجود تعظيم فِي القلب يمنعك عَنِ التعطيل والتشبيه.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ البوشنجي ﵀: التوحيد أَن تعلم أَنَّهُ غَيْر مشبه للذوات ولا منفي الصفات.
أَخْبَرَنَا الشيخ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي ﵀ تعالي، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن غالب، قَالَ: سمعت أبا نصر أَحْمَد بْن سَعِيد الإسفنجاني، يَقُول: قَالَ الْحُسَيْن بْن مَنْصُور: ألزم الكل الحدث، لأن القدم لَهُ فالذي بالجسم ظهوره فالعرض يلزمه والذي بالأداة
1 / 21