وأحكموا أصول العقائد بواضح الدلائل، ولائح الشواهد، كَمَا قَالَ أَبُو مُحَمَّد الحريري ﵀: من لَمْ يقف عَلَى علم التوحيد بشاهد من شواهده، زلت بِهِ قدم الغرور فِي مهواة من التلف.
يريد بِذَلِكَ أَن من ركن إِلَى التقليد، وَلَمْ يتأمل دلائل التوحيد سقط عَن سنن النجاة، ووقع فِي أسر الهلاك، ومن تأمل ألفاظهم، وتصفح كلامهم وجد فِي مجموع أقاويلهم ومتفرقاتها مَا يثق بتأمله بأن الْقَوْم لَمْ يقصروا فِي التحقيق عَن شأو، وَلَمْ يعرجوا فِي الطلب عَلَى تقصير.
ونحن نذكر فِي هَذَا الفصل جملا من متفرقات كلامهم فيما يتعلق بمسائل الأصول، ثُمَّ نحرر عَلَى الترتيب بعدها مَا يشتمل عَلَى مَا يحتاج إِلَيْهِ فِي الاعتقاد عَلَى وجه الإيجاز والاختصار إِن شاء اللَّه تَعَالَى.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي ﵀ يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن مُوسَى السلامي، يَقُول: سمعت أبا بَكْر الشبلي يَقُول: الْوَاحِد المعروف قبل الحدود وقبل الحروف، وَهَذَا صريح من الشبلي أَن القديم سبحانه لا حد لذاته، ولا حروف لكلامه.
سمعت أبا حاتم الصوفي، يَقُول: سمعت أبا نصر الطوسي، يَقُول: سئل رويم عَن أول فرض افترضه اللَّه ﷿ عَلَى خلقه مَا هُوَ؟ فَقَالَ المعرفة لقوله جل ذكره: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] قَالَ ابْن عَبَّاس: إلا ليعرفون.
1 / 20