يشبهه شَيْء من المخلوقات، لَيْسَ بجسم، ولا جوهر، ولا عرض، ولا صفاته أعراض، ولا يتصور فِي الأوهام ولا يتقدر فِي العقول، ولا لَهُ جهة ولا مكان ولا يجري عَلَيْهِ وقت وزمان، ولا يَجُوز فِي وصفه زيادة ولا نقصان، ولا يخصه هيئة وَقَدْ، ولا يقطعه نهاية وحد، ولا يحله حادث ولا يحمله عَلَى الفعل باعث، ولا يَجُوز عَلَيْهِ لون ولا كون ولا ينصره مدد ولا عون، ولا يخرج عَن قدرته مقدور ولا ينفك عَن حكمه مفطور، ولا يعذب عَن علمه معلوم ولا هُوَ عَلَى فعله كَيْفَ يصنع وَمَا يصنع ملوم، لا يقال لَهُ أين ولا حيث ولا كَيْفَ ولا يستفتح لَهُ وجود فيقال: مَتَى كَانَ ولا ينتهي لَهُ بقاء فيقال: استوفي الأجل والزمان، ولا يقال: لَمْ فعل مَا فعل إذ لا علة لأفعاله، ولا يقال: مَا هُوَ إذ لا جنس لَهُ فيتميز بأمارة عَن أشكاله، يرى لا عَن مقابلة ويرى غيره لا عَن مماقلة، ويصنع لا عَن مباشرة ومزاولة، لَهُ الأسماء الحسني والصفات العلا يفعل مَا يريد ويذل لحكمه العبيد، لا يجري فِي سلطانه إلا مَا يشاء، ولا يحصل فِي ملكه غَيْر مَا سبق بِهِ الْقَضَاء، مَا علم أَنَّهُ يَكُون من الحادثات أراد أَن يَكُون وَمَا علم أَنَّهُ لا يَكُون مِمَّا جاز أَن يَكُون أراد أَن لا يَكُون، خالق أكساب الْعِبَاد خيرها وشرها، مبدع مَا
فِي العالم من الأعيان والآثار قلها وكثرها ومرسل الرسل إِلَى الأمم من غَيْر وجوب عَلَيْهِ، ومتعبد الأنام عَلَى لسان الأنبياء عَلَيْهِم الصلاة والسلام بِمَا لا سبيل لأحد باللوم والاعتراض عَلَيْهِ، ومؤيد نبينا مُحَمَّد ﷺ بالمعجزات الظاهرة والآيات الزاهرة بِمَا أزاح بِهِ العذر وأوضح بِهِ اليقين والنكر وحافظ بيضة الإِسْلام بَعْد وفاته ﷺ بخلفائه الراشدين ثُمَّ حارس الحق وناصره بِمَا يوضحه من حجج الدين عَلَى ألسنة أوليائه عصم الأمة الحنيفية عَنِ الاجتماع عَلَى الضلالة وحسم مادة الباطل بِمَا نصب من الدلالة وأنجز مَا وعد من نصرة الدين بقوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣] فَهَذِهِ فصول تشير إِلَى أصول المشايخ عَلَى وجه الإيجاز وبالله التوفيق.
1 / 33